اذا كان هدف مهمة الموفد القطري هي خلق توافق بين اللبنانيين، فإنّ هذا التوافق يتطلب حواراً، والحوار كما بات معلوماً الطريق اليه مقطوعة. حيث ان هذه الاطراف نفسها عاكست كل المطالبات الخارجية التي حثّت على حوار لبناني لبناني، بدءاً من المبادرة الفرنسية وصولاً الى اللجنة الخماسية، وكذلك قد فشّلت كلّ المبادرات التي اطلقها رئيس مجلس النواب نبيه برّي للجلوس على طاولة الحوار. فكيف يمكن بلوغ هذا التوافق إن كان طريق الحوار الذي يؤسّس لهذا التوافق مقطوعة، وبعض الاطراف رفعت سقف شروطها الرافضة لمثل هذا الحوار، الى مستوى لم يعد في استطاعتها النزول عن سقوفها؟
وسط هذه الاجواء، تدخل مهمة الموفد القطري كمن يجرّب حظه، في حقل صعب ومعقد، مثقلة بانفراط اللجنة الخماسية، وتراجع المسعى الفرنسي، ووصول مبادرة بري لحوار السبعة ايام الى حائط مسدود جرّاء الاعتراضات المباشرة عليها من القوات اللبنانية وبعض حلفائها، والرفض المُغطّى باشتراطات من قبل التيار الوطني الحر.
الرئيس بري الذي ينتظر ما ستؤول اليه مهمة الموفد القطري، ويأمل ان يتوج كل مسعى لحل الازمة بما يمكنه من تحقيق الغاية المنشودة وانهاء الازمة القائمة. ابلغ الى «الجمهورية» ما يفيد أنّ مبادرته باتت غير موجودة، وقال ردا على سؤال: «لقد أديتُ قسطي للعُلى، وطرحت مبادرة الحوار ورفضوها، ولم يعد لديّ شيء، وليتفضّل من رفضوها ان يقدموا لنا بديلاً عنها، فهل يملكونه»؟!
أضاف: «هذه المبادرة كانت تشكل الفرصة الثمينة لتجاوز هذه الازمة، لا بل كانت تشكل المعبر الاسهل لانتخاب رئيس للجمهورية، ومن خلالها فتحنا باب الحل الرئاسي، وحَدّدنا طريق الخلاص فأقفلوه. فقد كان في مقدورنا ان نجتمع، فإن توافقنا فهذا خير للبلد، وإن لم نتوافق، فلا يعني ذلك نهاية الطريق، بل في كلا الحالين ننزل الى مجلس النواب ونَحتكم الى صندوقة الاقتراع في جلسات انتخاب متتالية ومفتوحة حتى نتمكّن من انتخاب رئيس للجمهوريّة، وليربح من يربح، ولكن مع الأسف عارضوها ورفضوا الحوار. اخشى انّ هناك من لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية، بل واكثر من ذلك، لا يريد للأزمة ان تنتهي».
ورداً على سؤال حول المرحلة المقبلة وما قد تحمله من صعوبات: قال بري: «المؤسف انّ هناك مَن يتعمّد قطع كل طرق الحل الداخلي، وإن بقينا على هذا المنوال، فلا أرى في الافق اي انفراجات»