يلاحظ فتور في العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، الذي لم يزر بيت الوسط كما كانت الحال في المراحل السابقة، وهذا مردّه وفق المتابعين لمسار العلاقة بين المختارة وبيت الوسط، إلى خلافات سابقة وحالية انطلقت من التسوية الرئاسية وقانون الإنتخاب، وتطوّرت إلى ما يشبه القطيعة يوم أقدم جنبلاط على تسليم لائحة لرئيس الجمهورية تتضمن الأسماء الخمسة الذين اقترحهم سيد المختارة ليتم اختيار الوزير الدرزي الثالث منهم، وهذا ما عمّق الخلافات بين الطرفين، الأمر الذي اعتبره الحريري “زكزكة” له، لتعود العلاقة من جديد، ولكن بشكل عادي بعد الجهود السعودية التي قرّبت المسافة بينهما.
وفي هذا الإطار، تشير المعلومات المتداولة، إلى أن هناك استياء جنبلاطياً، وخصوصاً من المناصرين والقواعد الشعبية من الحريري وفريقه السياسي، حيث لم تسجّل لهم أي مواقف أو حملات تضامن بعد استهداف جنبلاط والحملات التي طاولته على خلفية مواقفه الأخيرة من مزارع شبعا، إذ لم يكن هناك أي تضامن أو أي تظهير إعلامي في وسائل إعلام “المستقبل” يحمل تأييداً ودعماً لجنبلاط، ولو في المقدّمات الإخبارية في هذه الوسائل.
وفي المقابل، فإن هذا الفتور في العلاقة يبرز أيضاً في مناطق تواجد الطرفين من إقليم الخروب إلى البقاع الغربي، بحيث لم يعد ذاك التنسيق الذي كان قائماً بين الإشتراكي و”التيار الأزرق”، إضافة إلى العوامل الأخرى، والتي تتمثّل بالشأن الإقتصادي والمالي، إذ ثمة هوّة كبيرة في كيفية معالجة هذه الملفات بين الفريقين إن في مجلس الوزراء أو المجلس النيابي، لا بل، ثمة عتب آخر من قبل الحزب الإشتراكي و”اللقاء الديموقراطي” عندما لم يحظَ بتأييد “المستقبل” لدى إقرار خطة الكهرباء بعد الملاحظات التي أبداها “اللقاء الديموقراطي”، بشأن الهيئة الناظمة وتشكيل مجلس إدارة جديد لكهرباء لبنان.
فهذه العوامل، تؤكد على الهوّة بين الطرفين، حتى في المسائل الإستراتيجية، وتحديداً بشأن الملف السوري، بمعنى أن جنبلاط لا زال على مواقفه من النظام وثبات نظرته تجاه ما يجري في سوريا، في حين أن “المستقبل” لم يجاريه في هذه المواقف، بخلاف ما كان يحصل في مراحل عديدة، مما يعني أن هناك التزاماً “مستقبلياً” بسياسة النأي بالنفس، وحفاظاً على التسوية الرئاسية وتدوير الزوايا مع حزب الله والمكوّنات السياسية المشاركة في الحكومة، خصوصاً أمام الظروف الصعبة والعقبات التي تقف أمام إنجاز الموازنة العامة، إضافة إلى ما يحصل في الشارع من تظاهرات واعتصامات، فكل ذلك يبقي الحريري في موقف الحياد والترقّب، وبالتالي، بعيداً عن حليفه الجنبلاطي.
كذلك تحدثت المعلومات عن عدم استقرار في العلاقة بين بيت الوسط والمختارة بحيث أنها تتأرجح بين التحالف والإستقرار ويمكن وصفها بـ”العادية” قياساً على ما كانت عليه منذ العام 2005، مع العلم أن هذا الفتور بدأ يترجم في الحكومة، إذ لم يعد التنسيق الوزاري بينهما كما كان سابقاً، لا بل هناك معارضة جنبلاطية للكثير من الملفات الإقتصادية والحياتية التي يؤيدها الرئيس الحريري.
بقلم هيام عيد