جاء في النشرة
لن تنسى اسرائيل ما حصل معها في عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها “كتائب القسّام” التابعة لحركة حماس رّبما لعقود وعقود… وهي التي أوقعت أكثر من 1500 قتيل وآلاف الجرحى وأدت الى أسر واحتلال مستوطنات كسرت هيبة الجيش الاسرائيلي، ودمّرت صورة “اسرائيل الّتي لا تهزم” سابقاً وهي أنها “الوحش” الذي يخيف العالم ولا أحد يستطيع الإقتراب منه.
7 تشرين الأول 2023 كان موعد العملية التي غيّرت كثيراً في المعادلة في المنطقة، منذ ذلك الحين واسرائيل تبحث عن انتصار تستعيد به جزءا ولو بسيطاً من هيبتها ولكنها حتى الساعة لم تنجح. تحدث الاسرائيليون عن اجتياح برّي لغزّة لكنهم يدركون أنه قد يفتح “أبواب جهنّم” عليهم سواء في العمق الفلسطيني أو توسّع رقعة المواجهات لتشمل أكثر من جبهة مع دخول “حزب الله” وغيره المعركة.
مخاطر الإجتياح البرّية
منذ بداية العملية ونحن نسمع عن اجتياح برّي لغزّة ولكن حتى الساعة الاسرائيلي لم يؤجّل المعركة بل أجّل إتخاذ القرار للقيام بها من عدمه. هذا ما يؤكده الخبير العسكري أمين حطيط، لافتاً عبر “النشرة” الى أنه “يمكنها القيام بالاجتياح البرّي الكامل أو المحدود أو السطحي، ويجب أن نعود الى دعوة الرئيس الاميركي جو بايدن للاسرائيلي بعدم ارتكاب خطأ الدخول في الاجتياح لأنها لن تحتمل الخسائر”. أمّا الخبير العسكري العميد المتقاعد محمد رمّال فرأى أن “العمليّة العسكرية البرّية دونها مخاطر جمّة والجيوش النظاميّة تتردّد في القتال ضمن المناطق الآهلة لأنها تحتاج الى تقنيّات مختلفة عن تلك المعتمدة والمتعارف عليها”.
التقنيات المتبعة
“عملياً الاجتياح البرّي هو حرب شوارع ويعتبر من أكثر الحروب تعقيداً”، وهنا يشير حطيط الى أن “ثلاثة عناصر يتم البحث عنهم في قتال الشوارع، الأول هو المهاجم ويحتاج الى الجماعات ذات الخبرة العالية والى قوّات النخبة بمعنى أن لا نأتي بإحتياط ونقول له إذهب الى قتال الشوارع، أما المدافع فهو ينجح في حرب الشوارع إذا أعدّ تحصينات فوق الأرض للمواجهة المباشرة وتحتها لتجنّب الطائرات”.
بدوره يرى رمّال عبر “النشرة” أن “الحرب البريّة هي لصالح “حماس” وربما هذا هو السبب الذي يدفع الاسرائيلي الى التأجيل لأنه يخشى من الخسارة، خصوصاً وأن الجيوش النظامية تعتمد على القصف المدفعي والطائرات وهذا لا يُمكن استعماله أثناء القتال البرّي لأنه عندها يكون جيشها في بقعة الخطر”، مضيفاً: “عندما يدخل أي جيش في حرب برّية تتوقّف آلته الثقيلة عن القتال”.
توازنات المعركة
يرى العميد رمّال أنه “إذا ما قرّر الاسرائيلي المضي في الاجتياح البرّي لغزّة فسنكون أمام حرب من نوع آخر ومختلفة بالتوازنات وربما تفتح على جبهات أخرى”، معتبراً أنه “من المبكر الحديث عن رابح وخاسر في المعركة، ولكن يُمكن الاشارة الى نقطة أساسية الا وهي وقوع خسائر من الطرفين والتهجير المتبادل، فالاسرائيلي هجّر الفلسطيني من أرضه والفلسطيني هجر الاسرائيلي من المستوطنات”.
أما أمين حطيط، فيعتبر أن “اسرائيل بوضعيتها الحاليّة لا تستطيع أن تحقّق المكاسب التي تريدها ولا استعادة هيبتها الا بالميدان وفي ظلّ انعدام الفرص يجب أن تقبل بإستراتيجية تحديد الخسائر لأن فتح جبهة ثانية لن تكون مزحة”.
إذاً، تدرس إسرائيل كلّ خياراتها… لتبقى الانظار متّجهة الى ما ستخبّئه الايام المقبلة وكيف ستنتهي هذه المعركة، فهل تفتح جبهات عدّة على اسرائيل أم تقبل باستراتيجيّة تحديد الخسائر؟!