كتب كمال ذبيان في الديار
المسيحيون العرب عموما والمشرقيون منهم تحديدا هم في قلب الصراع مع العدو الاسرائيلي الذي لم يوفرهم في حروبه ولا في مجازره ودنس اماكن عبادتهم ودخل كنائسهم واهان رجال الدين فيهم حيث برز المطران ايلارين كبوجي كرمز من رموز المقاومة الفلسطينية في سبعينات القرن الماضي واعتقلته قوات الاحتلال الاسرائيلي وسجنته فلم يتحرك الغرب الذي يدين بالمسيحية لا سيما الكاثوليكية وهي الطائفة التي ينتمي اليها المطران كبوجي ولاذ الفاتيكان بالصمت.
فالحرب بدأها الكيان الصهيوني مع اغتصاب فلسطين عام 1948 وحملة التطهير والتهجير التي مارسها بالمجازر ضد الفلسطينيين من كل الطوائف والمذاهب مما يؤكد انها حرب الارض وليست على السماء التي الاقتتال عليها افقدنا الارض كما قال المفكر النهضوي انطون سعاده الذي حذر من خطر اليهود في الاستيلاء على فلسطين ومحيطها ومحاولتهم اعطاء طابع ديني للصراع مع شعب موعود بأرض النيل وهي مساحة سورية الطبيعية التي يعمل اليهود عبر مشروعهم لاقامة “اسرائيل الكبرى” عليها.
من هنا فان الشعب الفلسطيني كله معني بالقتال ضد مغتصبي ارضه التي لا تعترف “الدولة العبرية” بوجود شعب فلسطيني عنده ارض بل توجد ارض وهي اسرائيل لشعب بلا ارض وهم اليهود، الذين تشتتوا في العالم منذ اكثر من الفي عام وهذا ما يؤكد بأن الحرب هي على الارض وليست حربا دينية ويحاول اليهود اعطائها هذا الطابع وربطها بالتلمود.
لذلك فان الشعب الفلسطيني يخوض مقاومة لتحرير ارضه وان المسيحيين ليسوا حياديين في المعركة ضد الاحتلال الاسرائيلي حيث تقوم الكنائس الفلسطينية بدورها المقاوم فتؤمن الصمود في الارض، وتكافح الهجرة المسيحية من مناطق لها رمزية عند المسيحيين كبيت لحم التي ولد فيها السيد المسيح والناصرة والقدس التي فيها كنيسة القيامة المهددة ايضا كما المسجد الاقصى بالتدمير فأزعجت مواقف رجال الدين المسيحيين من بطاركة ومطارنة ورهبان لا سيما المطران عطالله حنا الاحتلال الاسرائيلي حيث ينمو “تيار صهيوني مسيحي” لا يعترف بمجيء المسيح وينعته بشتى انواع العبارات غير اللائقة وان مخططا صهيونيا لتهجير المسيحيين ليس من فلسطين فقط بل من المشرق العربي في اشارة بعدم مجيء المسيح لان لا اتباع له.
“فالحراك المسيحي” سواء من الكنائس او قوى سياسية مسيحية جاء للتأكيد على ان المسيحيين هم في صلب معركة الدفاع عن فلسطين وتحريرها وقد اصبحوا هدفا لوجودهم سواء في كنائسهم او مستشفياتهم واحيائهم السكنية حيث يكشف قيادي مسيحي مشرقي يتابع الملف الفلسطيني بأن العدوان الاسرائيلي على المستشفى المعمداني وارتكاب مجزرة فيها ثم تلاها قصف كنيسة القديس “برفيليوس” وهي ثالث اقدم كنيسة في العالم حيث لم يتحرك “الغرب المسيحي” لادانة المجزرتين لا بل تبنى الاعلام الاميركي والاوروبي ما روجته اسرائيل بان القصف ناتج عن صاروخ اطلقته “الجهاد الاسلامي” وتبين انها مزاعم لا صحة لها ودحضتها وسائل اعلام غربية ايضا وتراجع عنها مسؤولون غربيون منحازون للعدو الاسرائيلي.
والرد جاء على الاكاذيب الاسرائيلية من الكنيستين الارثوذكسية والكاثوليكية لا سيما من البطريرك الارثوذكسي يوحنا العاشر يازجي الذي دان الاعتداءات والجرائم الاسرائيلية وكذلك النائب السابق مروان ابو فاضل بثلاثة بيانات منذ الحرب على غزة تدين الاعتداءات حيث اعتبر اللقاء بان ما ترتكبه اسرائيل هو جريمة حرب فامتدت يد الاجرام الصهيونية الى المقدسات المسيحية التي لا يمكن تجاهل ما يقوم به العدو الاسرائيلي.
ويؤكد ابو فاضل لـ “الديار” بان حربنا مع الاحتلال الاسرائيلي هي حرب وجود سواء كانت في فلسطين او في لبنان وسوريا لان لهذا الدولة اطماعا في ارضنا وثرواتنا ومياهنا وهو يعمل لاقتلاعنا منذ نحو اكثر من قرن بمشروع مكشوف ومعلوم من الجميع حيث اجرى ابو فاضل اتصالات بمطرانية عمان للروم الارثوذكس متضامنا مع الموقف المستقيم للمطران خريستوفولوس ونوه بالموقف المشرف للمطران الكسيوس رئيس اساقفة طبريا الذي قرر ان يبقى في كنيسة القديس بورفيريوس في غزة التي تعرضت للعدوان الاسرائيلي.
فالمسيحية المشرقية بكنائسها الارثوذكسية والكاثوليكية ملتصقة بفلسطين لانها مرتبطة بالسيد المسيح المولود فيها والذي صلب واعدم على يد اليهود الذين خافوا من رسالته الداعية للمحبة والتسامح وهذا ما يؤكد عليه احد المؤسسين لتجمع “مستقلون من اجل لبنان” ولكن لها انتماء وطني لبناني مشرقي ومقاوم للاطماع الصهيونية اذ عقد التجمع لقاء الاسبوع الماضي في سن الفيل تحت عنوان “شوق لاجراس فلسطين” حضره عدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وحشد من الشخصيات السياسية والفكرية والثقافية والنقابية والاعلامية حيث تحدث عددا منهم ومن ابرزهم نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي والحالي الياس بوصعب وافتتحه مادايان بكلمة “عشق لفلسطين” استذكر فيها اغاني فيروز للقدس واجراس العودة.
وانتهى اللقاء الى توصيات ركزت على اهمية التضامن اخلاقيا وسياسيا مع الشعب الفلسطيني ورفض السماح لاسرائيل بارتكاب نكبة ثانية.
ان التحرك المسيحي المشرقي لا سيما في لبنان رسالة واضحة بأن المسيحيين ليسوا حلفاء الغرب او ادوات عند اسرائيل بل هم في وسط حرب الوجود ضد العدو الصهيوني.