كتبت صحيفة “الديار”: تقف اسرائيل ومعها الكثيرون على “رجل واحدة” ازاء الغموض الذي يكتنف مضمون كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم، وسط تشكيك في كل التقديرات الاستخباراتية حول مضمونها بعد ان أثبتت فشلها بعد هزيمة “طوفان الاقصى، وازاء كل التوقعات المتدحرجة التي تبدا من الاسوأ، اي اعلان الحرب، وصولا الى رسم قواعد الاشتباك الجديد، اوالاعلان عن خطوط حزب الله الحمراء في غزة والجنوب، الا ان لا شيء يمنع ايضا ان تبقى الكثير من النقاط على غموضها، كما يقول الاسرائيليون الذين تعتقد بعض قياداتهم ان القلق قد يستمر الى ما بعد الكلمة، لأن اطلالة اخرى متوقعة في الـ 11 من الجاري في “يوم شهيد حزب الله”، وقد يكون الوقت الفاصل مسرحا لاختبارات ميدانية مؤلمة. واذا كانت الترجيحات كلها تشير الى ان خطاب السيد نصرالله لن يتضمن إعلانا مباشرا بالحرب، وإنما الاعلان عن تكتيك واستراتيجية جديدة متدحرجة في المعركة الدائرة مع “إسرائيل”، الا ان ثمة اجماعا على ان لإطلالة اليوم أهمية لا توازيها أي إطلالة منذ حرب تموز 2006 لأن عنوانها يرتبط بتحديد موقع لبنان والمنطقة من المجزرة المستمرة في غزة والمفتوحة على كل الاحتمالات. واذا كانت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية قد رجحت أن يتجاوز عدد المشاهدين لخطاب السيد عدد مشاهدي الكلاسيكو الإسباني والكلاسيكو الإنكليزي مجتمعين، فقد اكد المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي جون كيربي انهم في انتظار ما سيقوله اليوم “وننصحه” بان عليه الا يوسع الصراع، فيما اختصر رئيس الهيئة التنفيذية لحزب الله السيد هاشم صفي الدين مضمون الكلمة بالقول انها ستحدد “المسار والمستقبل”. ميدانيا، وفيما تخشى واشنطن من قيام “اسرائيل” بخطوة متهورة للتصعيد في المنطقة بهدف حماية نتانياهو من السقوط، وقبل ساعات من الخطاب وجهت المقاومة “رسالة” ميدانية بالغة الدلالة ردا على توسيع قوات الاحتلال رقعة اعتداءاتها، فبعد ساعات على تجاوز الجيش الاسرائيلي قواعد الاشتباك القائمة منذ الثامن من تشرين الاول وتقصده استهداف المدنيين، شنت المقاومة 19 هجوما متزامنا على مواقع الاحتلال على طول الحدود مستخدمة للمرة الاولى طائرات مسيّرة مفخخة، وما حصل يعتبر بداية مرحلة جديدة من عملية الاشغال بالنار على الحدود، وبات واضحا ان حزب الله يتدرج عسكرياً في نوعية عملياته ونطاقها، وقد شهدت المواجهة بالامس إطلاق صواريخ باتجاه مدينة صفد في الجليل حيث دوت صافرات الإنذار، علماً أنها تبعد حوالى 20 كلم عن الحدود اللبنانية، فيما سقطت عدة صواريخ على كريات شمونة محدثة اضرارا كبيرة في عميلة تبنتها “كتائب القسام”. وفي دليل على حالة الهلع التي يعيشها الكيان، دعت قوات الاحتلال المستوطنين في المستوطنة للنزول الى الملاجىء للاشتباه في تسلل مسيرتين من الشمال!
اسئلة واجوبة حول الخطاب!
وسط التعتيم على المضمون الاستراتيجي لكلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، من الثابت انها ستتضمن تأبيناً يليق بشهداء الحزب الذين يسقطون على طريق القدس، وشرح المعنى المهم لهذا الاستشهاد في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المنطقة، واهمية قواعد الاشتباك الجديدة على طول الحدود الجنوبية، وكذلك شرحا تفصيليا للمعاني العميقة لعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس والتي أعادت للقضية الفلسطينية موقعها المتقدم وادخلت “اسرائيل” في اسئلة وجودية هي الاكثر جدية في تاريخها، كما ستتضمن بالطبع عرضا تفصيليا لاهمية انتصار المقاومة في غزة لان مصير المنطقة متوقف على نتائج هذه الحرب. ولن تخلو الكلمة من الرسائل للاميركيين بعد التدخلات العسكرية المباشرة في الحرب واستقدام حاملات الطائرات والبوارج الأميركية والأوروبية الى المنطقة. كما ستكون “الرسالة” الاكثر وضوحا وشدة تجاه “اسرائيل” اذا ارتكبت اي حماقة ضد لبنان، ولن يغيب عن بال السيد نصرالله التاكيد ان حزب الله في قلب المعركة وجاهز للحرب إذا فُرضت عليه. لكن تبقى الاسئلة الحائرة حول خطوة حزب الله المقبلة. ومتى؟ وكيف؟ ووفق اي قواعد” وخطوط حمراء”؟
سيناريو “ارمجدون”
وفي دلالة على حجم الاهتمام بالخطاب، رجحت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية أن يتجاوز عدد مشاهدي الخطاب عدد مشاهدي الكلاسيكو الإسباني والكلاسيكو الإنكليزي مجتمعين. وقالت انه مع الترقّب وبدء العد التنازلي، ثمة 3 سيناريوهات لما سيرد في خطاب السيد نصر الله، أبرزها السيناريو الثالث وهو ما أسمته “سيناريو أرمجدون”، وهو أن يُعلن في الدقائق الأولى من خطابه أن الصواريخ الآن في طريقها إلى تل أبيب وأن قوات الرضوان قد أصبحت في الجليل، ومع أن هذا السيناريو غير مرجح برايها، إلا أن المؤسسة الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة تحسب لهذا السيناريو ألف حساب منذ إعلان توقيت الخطاب. ولفتت الصحيفة الى ان التقديرات في “اسرائيل” ان إيران لن تتدخل بشكل مباشر في الحرب، وحزب الله لن يفعل إلا إذا فرضت عليه “إسرائيل” ذلك. الوضع الحالي في الدول العربية لا يشير إلى توسع الحرب. أما واشنطن فتظهر عدم الرغبة في ذلك. وفي الأيام القريبة المقبلة، ربما يزيد حزب الله من حدة ردوده ويحاول نقل خط إطلاق الصواريخ نحو الجنوب بالتدريج. وهذا يتعلق أيضاً بخطوات “إسرائيل”.
نصرالله يمزق اعصاب الغرب و”اسرائيل”
وفي “اسرائيل”، لا اجوبة على مضمون الكلمة، وانما قلق، صحيفة “يديعوت احرنوت” اشارت الى ان كل وكالات الاستخبارات – في شمال أميركا وأوروبا، وفي دول الشرق الأوسط وبالطبع في “إسرائيل”- تتابع نشر أسطول السفن الحربية الأميركية في المنطقة، وبالتوازي، تنتظر هذه الوكالات، خطاب الأمين العام لحزب الله. وتساءلت: هل سلاح البحرية الأميركي مستعد لـ “أم كل الهجمات”، وكابوس جبهات متداخلة في غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وربما حتى في إيران، أم سيكتفي بإطلاق رسالة تحذير حادة؟ وقالت ان السيد نصر الله، عن قصد، يمزق أعصاب “إسرائيل” والغرب. والسؤال الكبير برايها هو: هل سيكتفي زعيم حزب الله بتهديدات حادة، مهما كانت قاسية وصريحة، أم يخفي بين ثنايا عباءته خطة “شيطانية” لمهاجمة “إسرائيل” من جهات غير متوقعة؟ وبرايها كل شيء ممكن، وكل شيء تفحصه أجهزة الاستخبارات على مدار الساعة، وهي أجهزة تعمل الآن بتعاون وثيق مع “إسرائيل”. لكن حتى الآن، كما ينبغي الاعتراف، فان حزب الله هو المنتصر، فبدون ان يحتاج الى عبور الحدود اللبنانية هرب سكان بلدات الشمال الإسرائيلي من بيوتهم ويبقون في الملاجئ، وهو دفع كتائب كبيرة من الجيش الإسرائيلي الى حالة التأهب. وخلصت “يديعوت” الى القول: حزب الله ليس حماس، وهذا ما يجب ألا ننساه ولو للحظة. هذه منظمة ليست كبيرة جداً ولكنها خطرة، مدعومة بشكل كبير بالمال وبالسلاح من إيران. شعارهم حماية لبنان من أعدائه، لكن تقديرات الاستخبارات تشير حتى الان الى أن إيران والحزب يستعدان، بالضبط مثل “إسرائيل” لمعركة طويلة في غزة – دون تدخلهما المباشر.
تشكيك بالاستخبارات الاسرائيلية
من جهته، قال يوسي يهوشع في الصحيفة نفسها ان ثمة تحدٍيا إضافيا تقف أمامه الاستخبارات الاسرائيلية، فحزب الله لم يوفر مقدمات قبيل خطاب السيد نصر الله، ومستوى التوقعات يتناسب مع ذلك. و “اسرائيل” تتعاطى مع الموضوع بجدية كبيرة لان عدم الجدية درس تعلمناه في حرب لبنان الثانية، عندما خطب نصر الله في زمن إصابة السفينة الحربية “حنيت”. ومع ذلك، يقدر جهاز الأمن في هذه اللحظة أن نصر الله لن يفتح حرباً شاملة بينما سيكون الجيش الإسرائيلي جاهزاً، لكن يجب الا ننسى اننا اكتوينا بالنار حين يتعلق هذا بالاستخبارات، فمن الموصى به والجدير الحذر حتى من “الماء الباردة”.
لعنة “العقد الثامن”
وفي سياق متصل بالمخاوف من اليوم التالي للحرب وتحت عنوان لعنة “العقد الثامن” أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك مخاوفه منها، ولفت في مقال في صحيفة “يديعوت احرنوت” الى وجود مخاوف من قرب زوال “إسرائيل” قبل حلول الذكرى الـ80 لتأسيسها، مستشهدا في ذلك بالتاريخ اليهودي الذي يفيد بأنه لم تعمّر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين استثنائيتين، وقال باراك على مرّ التاريخ اليهودي لم تعمر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين: فترة الملك داود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانت بداية تفككها في العقد الثامن!
عمليات نوعية للمقاومة
ميدانيا، شهدت الجبهة الجنوبية بعد ظهر امس، أعنف الهجمات من قبل حزب الله على مواقع الاحتلال الإسرائيلي في القطاعين الغربي والشرقي وحتى الأوسط ، وفي هجوم شمل 19 موقعا تساقطت أكثر من 25 قذيفة وصاروخاً دفعة واحدة على مواقع لجيش الاحتلال حيث اشتعلت النيران فيها، وللمرة الأولى يهاجم مقر قيادة كتيبة الاحتلال في ثكنة زبدين في مزارع شبعا بواسطة مسيرتين هجوميتين مليئتين بكمية كبيرة من المتفجرات أصابتا أهدافهما بدقة عالية، وفقاً لبيان الحزب، الذي استهدف أيضاً 3 مواقع للجيش الإسرائيلي، هي مسكاف عام وافيفيم وعرب العرامشة. كما استهدف موقع “المرج” العسكري الواقع في وادي هونين بين مستعمرتي مرغليوت ومسكاف عام، وأطلق صاروخين من محلة وادي خنسا. وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن تسلل مسيّرات من لبنان في اتجاه الجليل. وأعلنت كتائب القسام في لبنان قصف مدينة كريات شمونة ومحيطها باستخدام 12 صاروخا.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها يديعوت أحرنوت، إن الرشقة الصاروخية تسببت بإصابات وأضرار مادية. وأظهرت مقاطع مصورة حريقا هائلا ودمارا وحالة هلع بين السكان إثر سقوط الصواريخ.
مواجهات واسقاط “مسيرة”
وقام جيش الاحتلال بسلسلة من الغارات الجوية للطيران الحربي استهدفت مناطق اللبونة في الناقورة وأطراف طيرحرفا وشيحين وعيترون، كما قصف مزرعة المجيدية بـ 10 قذائف وبإطلاق القذائف الفوسفورية على أطراف البلدات اللبنانية الحدودية، استهدف بلدات حلتا والماري ويارين ومركبا وإبل السقي وجنوب الخيام وتلة الحمامص ومنطقة السهل عند أطراف بلدة مارون الراس. وطلب حزب الله من أهالي البلدات الجنوبية عدم المرور على طريق كفركلا والعديسة ومركبا بسبب خطورة القصف. وتحدثت أنباء عن استهداف القوات الإسرائيلية خط الطوافات البحرية مقابل رأس الناقورة. وكانت الاعتداءات الإسرائيلية استهدفلت في ساعات الصباح محيط بلدة رميش بعدد من القذائف، ومنزلاً في أطراف بلدة عيتا الشعب وأطراف رامية لجهة بلدة بيت ليف. وأطلق الجيش الإسرائيلي صاروخين من مسيّرة على الحارة الشرقية لبلدة العديسة القريبة من مستوطنة مسكاف عام. كما شنت مسيّرات إسرائيلية غارات على إقليم التفاح متسببة بدوي انفجار كبير. في المقابل، أعلن حزب الله أن مجاهدي المقاومة الإسلامية استهدفوا منظومة التجسس في موقع العباد بالأسلحة المناسبة وتمت إصابتها إصابة مباشرة”. واستهدف الحزب موقع المنارة الإسرائيلي بصاروخ موجّه. كما استهدف موقع العاصي العسكري مقابل بلدة ميس الجبل. ودارت اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة في محيط الضهيرة وموقع بركة ريشا الإسرائيلي. وتعرضت أطراف بلدة طيرحرفا في القطاع الغربي ومنطقة بلاط وأطراف رامية لقصف مدفعي مصدره مواقع الاحتلال الحدودية.
كما سجل سقوط 3 قذائف اسرائيلية عيار 155 على بلدة الفرديس – قضاء حاصبيا، ولم تنفجر. وأعلن الجيش الإسرائيلي أيضا استهداف خلية كانت تهم بإطلاق قذائف مضادة للدروع من لبنان. وكان حزب الله أعلن أن عناصره أسقطوا بواسطة صاروخ أرض جو مسيّرة إسرائيلية في أجواء قريتي المالكية وهونين عند الحدود الجنوبية للبنان. تزامناً، عثر على جثتي الراعيين ربيع احمد العوض وامجد عبدالله المحمد اللذين قضيا بنيران قوات الاحتلال اثتاء رعي الماشية قبالة نهر الوزاني.
سلاح يقلب الموازين
وفيما ادعت صحيفة “وول ستريت جورنال” الاميركية ان لدى واشنطن معلومات استخباراتية بان مجموعة “فاغنر” تدرس ارسال نظام الدفاع الجوي”اس ايه -22″، تحدث الجنرال احتياط الاسرائيلي عوزي روبين عن تهديد استراتيجي تمثله الطائرات دون طيار الايرانية الموجودة لدى حزب الله، وقال انه يتجاوز خطر الصواريخ الباليستية، وقال ان قدرات الطائرات الإيرانية غير المأهولة تزيد من خطر مستوى الإزعاج إلى المستوى الاستراتيجيّ، واشار الى أنّ الخوف الكبير يبقى في استخدام أسراب من مئات، إنْ لم يكن بالآلاف، من الطائرات بدون طيّار، التي باتت موجودة في اليمن والعراق وسورية ولدى حزب الله في لبنان.
تحذير فرنسي .. وخطة الطوارىء
في هذا الوقت، حذر وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو خلال تفقده الكتيبة الفرنسية في قوة الأمم المتحدة من خطر التصعيد في الاقليم، وقال ان لبنان “بغنى عن حرب” مع “إسرائيل” .
واعتبر لوكورنو أنه في مواجهة التوترات الحالية، لا أحد لديه مصلحة في “توقف” مهمة اليونيفيل، معتبراً أن الأخيرة تمثّل “الحل”. في هذا الوقت، جال وزير الاقتصاد امين سلام في مرفأ بيروت، برفقة المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد حيدر، ونقيب أصحاب السوبرماركت ومستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي، واشار الى ان البلاد في حال طوارئ، لهذا أحببنا أن نعجّل في استيراد البضائع وعدم تخزينها في المرفأ لمدة طويلة وعدم التكديس، لأننا في دائرة الخطر، ومن مصلحتنا إدخالها وتوزيعها على جميع المناطق اللبنانية. بدوره اكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي خلال جولة في صيدا والنبطية ان تفعيل خطة الطوارئ في جميع المحافظات أمر ضروري، وهدف هذا الموضوع ليس التخويف بل طمأنة الشعب. اضاف: لبنان بلد الإيمان والحكومة متضامنة مع الجنوب وهو جزء من أهلنا. وسط هذه الاجواء، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سلسلة اجتماعات ديبلوماسية دولية وعربية في السراي، تمحورت حول الاوضاع الراهنة في لبنان وغزة والجهود المبذولة لوقف اطلاق النار. واجتمع مع سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، وعلم في هذا السياق، انها كررت تحذيرها من دخول لبنان في الحرب مع “اسرائيل”