اعتبر وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال المهندس زياد المكاري في كلمة القاها خلال مشاركته في اجتماعات الدورة ال(54) لمجلس وزراء الإعلام العرب في المنامة، بانه “فيما نحن نتحدث هنا عن الإعلام والتواصل وحرية التعبير وقبول الآخر والحوار والتسامح، يشتعلُ الجنوبُ اللبنانيُ قصفا وتدميرا وتخريبا، وتُمعِنُ آلةُ العنصرية الاسرائيلية في أبنائه قتلا وتهجيرا وتشريدا. وفيما نبحثُ هنا في السبُلِ الفُضلى لاستنهاضِ إعلامِنا العربيِ وتقويةِ عُرى التضامن وتوطيدِها بين مكوناته، يُمعن العدوّ الإسرائيلي في إسكات كلِ إعلامي حرّ ينطِقُ بالحقيقة، وقد طالت لائحةُ القتلِ لصحافيينَ ومصورينَ بين غزّةَ المنكوبةِ ولبنانَ الجريحِ والنازف”.
أضاف:”لعلَّ قدَرَ لبنانَ أن يضحّي ويواجِهَ ويصمُدَ اليومَ وكلَ يومٍ وفي كلِ الأزمنة والظروف. كيف لا وهو أصلا في بقعةٍ شديدةِ الالتهابِ في هذه المنطقة، تلفَحُهُ رياحُ الجغرافيا والتاريخِ كيفما هبَّت، وهو مَعَ ذلك ثابتٌ متجذّرٌ صلبٌ صلابةَ خشبِ أرزِه. لطالما تغنّى لبنان عبر التاريخ بنسيجه الوطني الصافي المتوارَث جيلا عن جيل، ولطالما تميّزَ أهلُه بتعلّقِهِم بأرض الآباءِ والأجدادِ وتشبّثِهم بها هُويةً وانتماء، إلا أن هذا النسيجَ الوطنيَ نراهُ اليومَ مهدّدا في الصميم، بفعلِ أكبرِ أزمةٍ عَرَفَها لبنان منذ نشوئه: إنها أزْمةُ النزوحِ السوريِ الذي طالَ وتمدّدَ وتوسّعَ حتى زادَ العديدُ على نصفِ سكانِ لبنان الأصليين، وهو ما لا قدرةَ لأي دولةٍ في العالم على تحمله. إننا من هذا المنبر، نحن المجتمعين هنا في الدورة ال (54) لمجلس وزراء الإعلام العرب، ندعو الاخوةَ العرب، من بابِ التضامن والتآزر، الى دعمِ لبنان في خطةِ حكومتِهِ لمواجهةِ أسوأ أزمة ديموغرافية وحياتية يعيشها، وذلك عبرَ تأييدِ القرارِ الرسمي بترحيل كل سوري لا يستوفي الشروط القانونية، وبإقفال أي ثُغْرَةٍ يمكنُ أن يتسللَ منها أيُ نزوحٍ جديدٍ الى بلد يضيقُ بمن فيه ولم يعد قادرا على تحمل المزيد. وكلُنا ثقة بأن الأشقاء العرب يريدون للبنان ما يريدونه لأوطانهم من ازدهارٍ واستقرار وأمان”.
تابع:”ولا يفوتُنا ونحن في البحرين، الثناءُ الدائم على الحوار المعتمدِ خِيارًا لثقافة التعدد والحوار والاختلاط وقبول الآخر في هذه الدولة الشقيقة، وهو ما ساهم في إغناء حرية المعتقد وتعزيزها. في هذا الشرق الملتهب، حين كان التطرفُ سائدا باسم الدين الذي أُسيءَ استعمالُه في أكثر من مكان، وكان القتل والإرهاب والترهيب لغةً، رأينا البحرين تتمايزُ وتتفردُ في نهجٍ مغايرٍ لكلِ تخلّفٍ، ومناقضٍ لكلِ محاولةِ إلغاءٍ أو قمعٍ أو عنف. لقد أشعّت كمنارة يُسترشَد بها في الظُلُمات وكمثال يُحتذى في ثقافة الحوار وحرية المعتقد والتنوّع. وليس غريبًا أن نتوقّف مليّا عند هذه الميزة، فلبنان يعرفُ جيّدا مَعنى التنوعِ والحرياتِ والحوار، ويقدِّرُ هذه القيمَ التي اختَبَرَها خيرَ اختبار”.
ولفت إلى أن “بيروت كانت عام 2023 عاصمةً للاعلام العربي، وقد اتّشحت بأجملِ ثوبٍ ولَبِسَتْ أرقى عبارةٍ ونَطَقَت بأنقى لغةٍ، ترحيبًا بضيوفها وروادها ومحبيها، في كَنَفِ الكلمة وفي محرابِ الإعلام. وها هي اليوم تسلّمُ المشعلَ الى المنامة، حاضنةِ الثقافةِ وصانعةِ التألق، والحريصةِ على إبقاء شعلة الإعلام متّقدة، خدمةً لمجتمعنا العربي أولا والعالمي استتباعًا، في هذا الكون الذي مهما كبُر، صار يمكنُ استيعابُه في شاشةٍ أو منصّةٍ أو تطبيق، في عصرِ الذكاء الاصطناعي والتطور الهائل واللحظوي”
وقال:” إننا إذ نشكر ثقةَ الاخوة العرب ومواكبتَهم لبيروت عاصمة الإعلام العربي، ننقل الأمانة الى المنامة، مطمئنّي البال، وكأنها لا تزال في أيدينا، ليقيننا بأن الإعلام هنا سيكون في أفضل حال، إنتاجًا وإبداعا وحداثة ومحاكاة لكل ما يتطلّبه العصر والمهنة والكلمة من نبوغ فكري وتقني. الشكر موصول لمجلسكم الكريم لإتاحتِه فرصةَ الكلام لبيروت الكلمة، بيروت الحضارة والإعلام والعلم والشرائع”.
ختم:” اسمحوا لي أن أورِدَ ملاحظةً تحضُرُني كلَما فكَرتُ في أنّ البحرين أصغرُ الدولِ العربيةِ مِساحةً، هي الغزيرةُ الامتدادِ الثقافي والكثيفةُ الحضور الإعلامي، تمامًا كلبنان، الصغير مساحةً والكبير دورا وتاريخا وحضارة. لا عجب، ما دامت خُلاصاتُ العطورِ وأفضلُها تأتي في أصغرِ الزُجاجات”.