لم يستطع بهاء الحريري ان يُثبت نفسه سياسياً امام الجمهور، ولا زعيماً بديلاً عن شقيقه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ولم تُثمر جولاته سوى محاولة جديدة لملء الفراغ الذي خلّفه غياب شقيقه.
المشكلة ليست في جدول لقاءات، جهد فريق عمل بهاء الحريري من خلالها، لصنع مشهد جماهيري حوله، بل الأزمة تبدو في شخصيته غير المحبّبة عند الجمهور، عدا عن ان الجزء الأكبر منهم، يعتبر ان شقيق سعد الحريري “يغدر به”، وهو امر ليس مقبولاً في الأعراف الاجتماعية والاخلاقية.
هل سقطت محاولة بهاء نهائياً؟
ما بين بيروت والبقاع والشمال وإقليم الخروب التي جال فيهم بهاء الحريري، لا تبدو التجربة مشجعة، بينما لم يجر لقاءات مشابهة في صيدا، لكي لا يستفز عمته النائبة السابقة بهية الحريري.
واذا كان بهاء الحريري يعتمد على جذب الناس لخلق جماهيرية شعبية، وليس نخبوية سياسية او اقتصادية في البيئة السنّية، فهي مسألة لن تتحقق، وقد بانت ملامحها في جولاته التي قام بها، عبر خروج الناس بإنطباعات غير مشجعة عنه. لكن باباً وحيداً يستطيع من خلاله بهاء الحريري التدرج في فرض نفسه سياسياً اولاً وليس زعيماً: بيروت.
إذا كانت العاصمة انتخبت نواب حاليين امثال وضّاح الصادق وفؤاد مخزومي وغيرهما، فليس صعباً على بهاء الحريري ان تختاره بيروت نائباً من بين اخرين.
لو ركّز بهاء الحريري نشاطه في بيروت، وتواضع في تقديم نفسه وطروحاته، ولم يستفز تيار شقيقه “المستقبل”، وتنافس مع نواب بيروت الحاليين، وصبّ اهتمامه على خدمة الناس، لتمكّن حينها من فرض نفسه في معادلة تمثيل العاصمة، لكن توسيع طموحاته إلى حدود المناطق، سيعني الفشل السياسي والخدماتي.
قد يكون بهاء الحريري نائباً عن بيروت بعد جهد يقوم به في الخدمات، لكن لا يبدو انه سيكون زعيماً لا عن بيروت ولا عن سواها، بإعتبار ان شخصيته تخلو من كاريزما والده، ومن ميزات امتلكها شقيقه بعد تجربة طويلة، خصوصاً ان لا تعاطف شعبياً معه، بل حقق العكس من خلال تجييش عواطف الجمهور السنّي تجاه شقيقه.
ان الوعود الوهمية التي يتحدث عنها بهاء الحريري ليس بمقدروه تنفيذها، وهي تُسقط محاولته في تجربة الفشل الأكيد. الزعامة ليست في جولات ولا عبر وعود او اجندة إعلامية، بل في عمل مُتعب وطويل، لأن ظروف المرحلة لا تشبه ظروف عام 2005 التي توّجت شقيقه سعد الحريري زعيماً لتيار “المستقبل” وللمسلمين السنّة في لبنان.