أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “كل ما يُسوَّق له حول هدف لقاء معراب غير صحيح، والدليل ان طرح القوات عمره 20 عاما وليس مرتبطا بالحرب، ففي كل الحكومات التي شاركنا فيها منذ الـ2005 اعترضنا على عبارة جيش وشعب ومقاومة، لذا نحن لا نستثمر الأزمة إنما نبحث عن طريقة للخروج منها”.
جعجع الذي اعتبر في مقابلة ضمن برنامج “صار الوقت” عبر الـMTV مع الإعلامي مارسيل غانم ان “الجمهور الذي كان في معراب كبير لكن البعض وقع تحت تأثير اعلام الممانعة التي لا شيء شغّال فيها إلا اعلامها”، اوضح انه “منذ بدء الحرب في 8 تشرين الأول 2023 كان هناك جولات كناية عن مساندة وكان ضررها محدوداً، لكن منذ شهر ونصف الشهر ومنذ تفجيرات البايجر تحديداً تفاقم بشكل كبير عدد الضحايا، لذا اتخذنا القرار في القوات ان نستطلع الوضع لتحديد خارطة طريق على ضوء ذلك”.
وقال: “بعد تراكم الأحداث انتظرنا قليلاً وعند وضوح الصورة رأينا أن هناك خطوة واحدة للخروج من جهنم، ومن هنا اتفقنا في الاجتماع الاخير لتكتل الجمهورية القوية على خارطة طريق نطرحها في مؤتمر، فدعونا اصدقاءنا لا أكثر، اي انه لم يكن الهدف جمع عدد من النواب وإلا لكنت اصررت على النواب الذين زاروني قبل يوم واحد لحضور المؤتمر”. وبعدما أسف لأن “البعض حاول أخذ مؤتمر معراب الى مكان آخر و(صَفِّت القصة مين إجا ومين ما إجا)، اكد ان “هدف المؤتمر لم يكن اطلاق جبهة وطنية بل اعتماد خارطة طريق ونحن نحيّي كل من يوافقنا عليها”.
تابع: “حلفاء القوات السنّة معروفون ومنهم النائبان أشرف ريفي وفؤاد مخزومي، كما ان الرئيس فؤاد السنيورة يؤيد الخط نفسه لكنه لم يكن يوماً في المعارضة كمعارضة، والدليل انه منذ 19 عاما لم يزر السنيورة معراب، اذ إن لديه طريقته التي نحيّيه عليها. إن من أرسلهم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل (نحنا شايفينهم قد الدني)، أما في ما يتعلق بالرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فهو يعتمد منحى آخر، ومقاربته مختلفة. وأشير الى انه طَلب البيان وأرسلناه إليه وأعرب بوضوح عن عدم قدرته على تحمُّل هذا السقف. اما بالنسبة للنائب نعمة افرام فسمعنا انه كان مرتبطاً بغداء”.
واضاف: “الفئة الأخرى التي تتكلم أكثر منا في الغرف المغلقة لم تأتِ الى المؤتمر، لتبقى كصلة وصل في البلد وكأن المؤتمر سيدمرها، في الوقت الذي ارى ان موضة الوسطية هي موضة سيئة، فهؤلاء يرفضون اتخاذ موقف. وللأسف لدينا مصيبة كبيرة لان البعض خائف وبعض آخر يريد ارضاء الجميع وهناك طرف ثالث لا يريد الحاق الضرر بمصالحه السياسية، وبالتالي هذا وضع البلد”، وأشار إلى أن “نزع سلاح حزب الله طُرح منذ العام 2006 اي حين كان السيد حسن نصرالله ما زال على قيد الحياة، لاننا مقتنعون بأنه لا يمكن بناء وطن في ظل الوضع القائم كما من المستحيل أن نقبل بالعودة الى الوضع السابق”.
اما عن كلام رئيس التيار “الوطني الحر” النائب جبران باسيل بأن “يلي ناطر اسرائيل رح يشك ع راسو وما رح يتعلم”، فأجاب: “كلامه لا يعنيني فهو يتكلم عمن ينتظر اسرائيل وانا لا انتظرها. هو (بيحكي تيحكي)، ويسترسل (بالمواعظ) عن الفتنة الداخلية وهو اينما حل يشعل الفتنة. طرحنا عمره 20 سنة، وينادي كثيرون به ممن لم يتحدثوا عنه في السابق. الشبهات لا تطاولنا أبداً ولا نقبل بها والإناء ينضح بما فيه. رأينا طروحاتهم الى أين أوصلت البلد وبعد أكثر من 3000 قتيل ومليون نازح ما زالوا يتعاطون بالطريقة ذاتها ويهاجمون القوات نظراً لأهميتها فحسب، من هنا نرفض كل كلام عن تهديد ووعيد ولا أحد له في هذا البلد أكثر منا”.
وردا على سؤال، رأى ان “هناك فريقين أساسيين بين لقاء معراب واللقاء الثلاثي، أولهما أن المسألة لم تعد تُعالج بأنصاف الحلول، بل نحن نراهن على صوابية وجهة نظرنا التي أثبتت أحقيتها بعد التحذيرات كلها التي وجهناها خلال الأشهر الثمانية التي سبقت مؤتمر معراب واحد. فلا معنى لأي اتفاق اذا لم نجد من يطبقه، من هنا ضرورة تنفيذه لحماية أنفسنا”، واذ شدد على ان “اسرائيل عدو ونحن متفقون على ذلك، لكن لو طبقنا القرار 1701 منذ 3 اشهر لكان السيد نصرالله لا يزال حياً مع معظم قيادات الحزب ولكنا وفرنا ضحايا ودمارا”، أشار الى انه “لو انسحب حزب الله من الجنوب وتمركز بدلا منه الجيش اللبناني لما وصلنا الى هذه الحالة، فالحزب يدمّر شعبه بالأوهام ويعيّشه كذبة كبيرة”.
وقال:”عند العودة الى اللقاء الثلاثي لا اعرف ما إذا كان علينا الضحك أو البكاء، فالمطالبة بتطبيق الـ1701 في الكلام كأن الحكومة حكومة النيبال، في حين كان من واجبها ومسؤوليتها تطبيقه. وأكثر ما يهمنا اليوم إذا كان هناك من قرار ايراني، ألا يغطيه أحد من اللبنانيين، ولتأتِ إيران وتحارب بنفسها وعندها لكل حادث حديث. وبالتالي ما أوصل الحزب الى هنا هو تخاذل الطبقة السياسية في لبنان وعدم قولها الحقيقة، فلو وقف الكثيرون من السياسيين في وجه منطق الحزب لكانت انتظمت الامور، لكن الخوف منع ذلك، من هنا وجوب بلورة الصورة كي لا يستمر الناس بالعيش في وهم اسرائيل”.
وذكّر بأن “أكثر من حاول مع حزب الله هو الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي تمتع بحساسية مفرطة تجاه القضية الفلسطينية، الا انه وصل الى حائط مسدود وفهم أن الدولة لا تبنى هكذا”، اما لجهة الكلام على امتعاض الرئيس السابق ميشال عون من الحزب، فعلّق جعجع قائلا: “نأسف لوضع السياسة اللبنانية، ففي حال تبنى حزب الله احداً ممن يريدهم باسيل لرئاسة الجمهورية فعندها سيصبح الحزب أفضل ما يكون بالنسبة للرئيس عون”.
واكتفى حين سئل ما إذا كان “حزب الله” مقاومة لا ميليشيا بالقول: “هو من صنف نفسه، وورد ذلك في بيانات الحكومات بعد 7 أيار نتيجة الخوف”، واصفا “الصديق الرئيس بري بـ”أقوى animateur”، مضيفا: “بخلاف ما يقوله عن أن الـ1559 بات وراءنا والآن يجب تطبيق الـ1701، نذكّره بأن الأمم المتحدة ما زالت باستمرار تتابع أين أصبح تطبيق القرار 1559، كما ان البند الثالث من القرار الـ1701 يؤكد أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على كامل الأراضي وفق أحكام القرارين 1559 و1680”.
جعجع الذي شدد على انه “لو حقق حزب الله انتصارات الكون كلها، فإن ذلك لا يغيّر حقيقة ان وجوده يمنع قيام دولة في لبنان”، اعتبر ان “اسرائيل تحقق اهدافها الواضحة وهي تنظر للحزب كمجموعة ايرانية تريد القضاء عليها، فيما هدفنا قيام البلد، وذلك لن يتحقق في ظل وجود حزب الله كما كان موجوداً”.
وقال: “على الرغم من أننا أمام حرب مفتوحة، فهل من فريق دولي او عربي يحاول ايقافها؟ كلا. ماذا يمكننا أن نفعل؟ وهل علينا انتظار الصولات والجولات بين الحزب واسرائيل؟ كلا ايضا. لذا ما علينا فعله يقضي باتباع خارطة الطريق التي طرحناها في مؤتمر معراب 2، ولا سيما اننا لا نرغب بتطبيق منطق الغالب والمغلوب انما نسعى الى ايجاد حل وقيام وطن”.
وردا على سؤال، قال: “هل ابن الجنوب محمي الآن؟ هل استطاعوا حمايته؟ ان أكثر مرحلة كان فيها محمياً من العام 1949 الى العام 1969 حين كان الجيش اللبناني موجودا وخاض جولات وصولات مع اسرائيل أكثر من مرة، ولذلك ان حماية ابن الجنوب الاساسية هي في الدولة والسياسة. أربعون عاما والحزب يجمع قوة عسكرية وقيادات وكوادر ويحظى بدعم ايراني بمليارات الدولارات، ولكن وعلى رغم ذلك، هل نجحوا في حماية سكان الجنوب وجنبوهم مغادرة منازلهم؟ اسرائيل عدو لكن لا يمكننا التعمية عن هذه الحقائق”.
وبالنسبة إلى كيفية تلقيه خبر اغتيال السيد نصرالله وعن شعوره، أجاب: “بالنسبة لي، لا خصومة على المستوى الشخصي، والمرة الوحيدة التي التقيته فيها كان على طاولة الحوار، وكان الوحيد الذي استمعت اليه وهو كذلك، وبالتالي لا مشكلة شخصية بيننا، بل نرفض المنحى الذي أخذ البلد اليه. وما راودني فور سماع الخبر: كيف استطاعوا ان يطالوه علما أنه اتخذ اجراءات امنية كبيرة. طبعاً لم اكن سعيداً باغتياله والقصة ليست إن شعرت بالحزن أم لا.”
تابع: “نحن نرفض اخذ لبنان الى الحروب وربطه بالمحاور، لذا حزب الله مدعوٌّ اليوم الى التحوّل لحزب سياسي، ونحن لا نريد ان يحل أحد مكان الحزب السياسي، وهذا التحوّل لا يعني اضعافه ولا التخلص من جمهوره، فليتّعظ بما قامت به القوات وما جعلها أقوى”.
وإذ كشف أننا “في حوار دائم مع الرئيس بري وهناك وسيط دائم بيننا، وهو لم يدعُ باسيل لأنه لا يستطيع تحمل (تقل دمو،) لكنه يتحجج بي”، توجه جعجع لبري قائلا: “ان اقصى تمنياتي ان يتوج الرئيس بري حياته السياسية بموقف مختلف، فقد تعب باعادة اعمار الجنوب، على رغم تحفظاتنا على بعض الأمور، ولكن أين الانماء اليوم؟ ادعوه ليقول (خلص) ولرفض المنطق السائد والعمل لإعادة القوة الى الدولة”.
وحول عدم طرحه مسألة التركيبة الجديدة في الوقت الحالي، أكد أن “الشعب اللبناني على الطرق، والوقت ليس مناسبا لطرح تركيبة جديدة للدولة، بل الأولوية لوقف اطلاق النار، ولا ارى ان ثمة طريقة لذلك الا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ومن لديه طريقة أخرى فليطرحها”.
وردا على سؤال، اوضح: “ان آخر خمسة رؤساء للجمهورية انتخبوا من خلال التوافق فحسب، وكانت النتيجة ما وصل اليه البلد، بينما اقصى تمنياتي ان يتوافق الجميع على رئيس بالمعايير المطلوبة كي يتمكن من الوصول الى وقف اطلاق النار. لا نريد ان نتحدى أحداً، لكن نرفض ارتكاب جريمة بحق الشعب اللبناني الذي بات ينتظر حصة غذائية. وبعد وصول رئيس يتمتع بهذه المواصفات سيتم تسمية رئيس للحكومة بالمواصفات نفسها ليشكل حكومة تتطابق مع هذه المعايير ايضا لإيجاد الحل الناجع للبلد”.
كما علّق على من يتهمه بأنه “يريد رئيساً على الدبابة الاسرائيلية”، بالقول: (نيالكن شو فاضيين). هذا المفهوم هو الذي اوصل البلد الى ما وصل اليه. نحن من القلائل (يلي بيناموا مرتاحين) وضميرنا مرتاح، وسنستمر بالمحاولة لو بقينا وحدنا، لأننا لا نقبل العودة الى هذا الوضع تحت اي عنوان من العناوين”.
واذ اعرب عن عدم تخوفه من الفتنة بمعنى(فتنة وراءها فريق سياسي)، باستثناء بعض المشاكل على خلفية النزوح والاكتظاظ، اشار جعجع الى انه “منذ لحظة بدء النزوح، وضع قائد الجيش واللواء عماد عثمان في طبيعة المجتمعات وبعض الحساسيات الموجودة، باعتبار ان المسؤولية تقع على عاتقهما للحفاظ على الامن، كما اصدرتُ تعميماً لمسؤولي القوات للتبليغ عن اي خطأ او اشكال لمعالجته مع المراجع المعنية”.
وردا على سؤال، لفت الى ان “القوات تتابع لحظة بلحظة وضع المناطق والبلدات المسيحية التي تتعرض للقصف ولكننا لسنا الدولة، ومع ذلك نقوم بدور الوسيط مع الدولة لإيصال صوت الأهالي”، داعيا الى “التواصل عند الحاجة مع ممثلي القوات الحاضرين دائما في هذه المناطق”.
اما عن اعتبار البعض ان مواصفات رئيس الجمهورية المطروحة من قبل القوات تعجيزية ولا يقبل بها أي مرشح، فأكد انه “اذا لم يكن هناك من مرشح يقبل بما نطرحه فلا امل بقيامة لبنان، اذ على المرشح طرح خطته والتعهد امام الرأي العام بحل المشاكل القائمة. نريد رئيساً يؤسس جمهورية جديدة لا سلاح فيها خارج سلاح الدولة، يحل أزمة المخيمات، يعيد قرار الدولة الاستراتيجي الى يدها ويعلن ذلك علناً لا ضمنا. وفي حال اراد قائد الجيش العماد جوزيف عون الترشح عليه الافصاح عن مشروعه وعما سيقوم به”.
وسُئل “لماذا لا تترشح؟”، أجاب:”إذا رشحتني مجموعات معينة لما لا، لكن لن اترشح و(اقعد اتسلى). السياسة لم تكن بالنسبة لنا لا حباً ولا عشقاً في أي يوم، واذا اراد العماد عون الترشح نريد الاطلاع على برنامجه السياسي قبل تقديم الدعم له، رغم انطباعنا الجيد تجاهه نتيجة ممارسته كقائد للجيش”، ورأى انه “على الرئيس العتيد فور انتخابه التوجه الى الولايات المتحدة الاميركية والدول الاوروبية لعرض خطته والمطالبة بوقف اطلاق النار، لتنطلق الامور تباعا، وعندها لدى كل هذه الأقطاب امكانية لتسليح الجيش اللبناني بعد اتخاذ القرار السياسي، وهذا هو الحل الوحيد”. وشرح ان “أسوأ ما يمكن ان يحدث هو استمرار الحرب لذا تكمن الاولوية في ايقافها، وهذا لن يتحقق الا بانتخاب رئيس يتمكن من خوض هذه المعركة، ليصار بعد الانتهاء منها الى عقد طاولة حوار تطرح فيها تركيبة جديدة لأنه وبكل صراحة (ما بقى ماشي الحال)”.
وردا على سؤال، قال:”على الرغم من حاجتنا لتركيبة جديدة في لبنان ولكن يبقى الطائف العنوان، ولا احد سيرث دور الطائفة الشيعية انما عليها القيام بدورها كجزء من الشعب اللبناني لا كدرع لايران. علينا تأسيس دولة ليعود ابناء هذه الطائفة اليها، فهم كشعب وكثير منهم اصدقاؤنا، لديهم منطق مختلف عن حزب الله، وهم قادرون على الاندماج بمنطق الدولة ولو في البداية (نزركت الأمور شوي)”.
وحين سئل عن زيارات المسؤولين الايرانيين، ذكّر جعجع بأن “كل ما فعله الايرانيون في لبنان منذ 30 عاما غير مقبول ولا داعي للتعليق على زياراتهم اذ (يلي شرب من البحر ما بدو يغص بالساقية)”.
وعن رأيه في أداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، اكتفى بالقول: “ليس ميقاتي فقط، بل الحكومة بأكملها كان عليها تحمل مسؤولياتهما تجنبا لهذه الحرب”.
اما عن دور الدول العربية الصديقة، فشدد “على اننا بأمس الحاجة اليها أكثر من أي وقت آخر، وبالأخص المملكة العربية السعودية ودول الخليج”، محذرا من انه “لا عودة لهذه الدول الى لبنان اذا كررنا اعتماد الوضعية السابقة، من هنا نحن بحاجة الى دولة حقيقية خالية من السلاح ومن الميليشيات”.
وختم مؤكدا ان “الهم الأساس يبقى واحداً ويكمن في كيفية العمل للخروج من هذه الأزمة، اذ لا يجوز العيش بالأوهام وبالكذب، بل من واجبنا السعي الى الوصول الى وضعية سليمة تقودنا الى المسار الصحيح”.