الرئيسية / مقالات / من أيقظ الفتنة؟ من سقاها الدماء لترتوي، ومن أطعمها النار، حتى اشتدت وحرقت الأحلام والآمال، والوطن … ضاع فيها كلُ حُلمٍ، كلُ أملٍ بفجرٍ لا موت فيه ولا عزاء …

من أيقظ الفتنة؟ من سقاها الدماء لترتوي، ومن أطعمها النار، حتى اشتدت وحرقت الأحلام والآمال، والوطن … ضاع فيها كلُ حُلمٍ، كلُ أملٍ بفجرٍ لا موت فيه ولا عزاء …

يد الموت امتدت إلى قلوبنا، فغدا الجسدُ باردٍ، باردٍ جداً، فغفت الروح المتعبة، واستسلمت إلى رحلتها نحو السماوات السبع …

قد تلتقي الروح أثناء رحلتها، بأشخاص كنا قد عرفناهم، وأشخاص لا نعتقد أننا نعرفهم …

نعم أنه صديقي، صديق طفولتي وصباي، أيعقل أن يكون أيضاً قد غفى من التعب واستسلم للرحلة، حقاً كنت صديقي في السراء والضراء، عشنا معاً وغفينا لنمشي رحلتنا سوياً معاً جنباً إلى جنب …

لحظة!! أنتظر يا صديقي، اعتقد أني رأيت شخصاً أعرفه!!

أليس هو من كان معنا لحظة غفينا؟، بلى، هو من أتعبنا حتى استسلمنا وغفينا..

اتذكره؟ كان قد أخفى وجهه، لكني عرفته من يداه الملطختان بالدماء…

أنظر كيف يبكي لِمَا فعل نادماً، تعال لنأخذه معنا في رحلتنا، لااستطيع تركه وحيداً، فطريق السماوات السبع واحدة، نمشيها معاً، ونتسامر حتى نرمي هدفنا ونتوفق بالوصول إلى النهاية…

صديقي!!، ما هذا الضجيج؟ ، ما هذه الأصوات؟ ، كُثرٌ قادمون نحونا، هذا صديقي أيضاً، لكن ذاك لا أعرفه، وهذا أخي، وذاك قريبي، وذاك قريبك…

لِمَا كلنا هنا؟ ماذا حصل؟

هل بدأت حياتنا الجديدة في السموات السبع مترافقين جميعاً، يوم انتهت حياتنا في وطنٍ متفرقين فيه جميعاً…

من أيقظ الفتنة؟؟ لتتعبنا ونستسلم لها، ونغفو الواحد تلو الآخر، ونلتقي هنا في رحلةٍ نتشارك فيها الطريق الواسع المتسع للجميع..

لماذا وسعتنا الطريق هنا ؟ ولم تسعنا أرض الوطن ؟

من أيقظ الفتنة؟، لتفتح أبواب الموت عن يميننا، وعن شمالنا، ومن فوقنا، ومن تحتنا…

من أيقظ الفتنة؟، لترهقنا، وتتعبنا، وتجعلنا نغفى في رحابها هامدين، لنستيقظ سوياً مترافقين في درب النهاية..

من أيقظ الفتنة؟ لتسرق منا شبابنا، لتنهش أحلامنا، لتقتل مستقبلنا، وتدمر حاضرنا…

ألم يعلم من أيقظ الفتنة أن درب الموت والهلاك واحد!، وأن درب النهاية يتشاركها الجميع…

ألم يعلم من أيقظ الفتنة أن الوطن كالأم، قلبه يتسع للجميع، رغم اختلافنا واختلافاتنا…

فياليتكم لم توقظوها لتنهض وتلتهم نيرانها وطنٌ، لم يُشفى بعد، وطنٍ مريض لا يقوى مقاومتها، فهزمته واتعبته، فارتاح ليغفى مُعلناً باستسلامه لها المسيرُ في درب النهاية نحو السموات السبع…

نعم الفتنة كالنار، تلتهم كل شيء، لا ندري حجم فعلتنا، إلا بعد أن نسقط جميعاً الواحد تلو الآخر، ندرك حجم نيرانها بعد أن نرى الوطن يسقط بين رمادٍ وركام، ونرى أرواحنا قد غفت متعبة وتستجدي درب السلام…

فأرقدوا بسلامٍ بين يدي الرب السلام وأمشوا في طريق السلام مترافقين لا متفرقين، فدرب السلام هو الحقيقة الواحدة في غفونا وصحونا…

وليتأكد من أيقظ الفتنة، أنه يوماً ما سيكون طعامها وشرابها، ستنهشه لترهقه وتتعبه وتجعله عبرةٍ لمن اعتبر…

ستولد الفتنة مجدداً مرات ومرات، وستموت مجدداً مراتٍ ومرات، ففي بلادي شهداء أطفؤا نارها بدمائهم، مراتٍ ومرات…

 

كتابة إ_ندى الصباغ

شاهد أيضاً

قصّة إنهيار البورصة العالمية وارتباطها بالتحديات الجيوسياسية

  إستفاق العالم على خبر إنهيار في البورصات العالمية، نتيجة الخوف المستجد من تباطؤ الاقتصاد …