ألم يحن للعقل أن يلعب دوره ؟
إلى اين؟
لماذا الان؟
إلى متى؟
سؤال أتوجه به
إلى عزوتي أبناء عائلتي وأبناء طائفتي الكرام.
مزايا وقيم أهل التوحيد لم تأت من فراغ، انها جزء من صلب العقيدة التي آمنا بها، وهي تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر.
هذه الاصالة الاخلاقية في شخصنا، هي ارث من عادات وتقاليد تتوارثها الأجيال اباً عن جد، تجمعنا وتميزنا نحن اهل التوحيد في كل مناسباتنا ضمن حركة الحياة التي لا تتوقف.
كلها صفات يتمايز بها عقل المؤمن لانها تؤمِّن مساحة من الأمن الاجتماعي للافراد والجماعة، وسكينة في النفس من خلال حرية الفرد الفكرية.
فلنتمسك بهذا الموروث الجميل والمتجذر فينا، بدءً من صدق اللسان وحفظ الإخوان، مروراً بمنظومة من القيم حيث تشكل جميعها الرابط الاخير والعروة الوثقى لمجتمعنا بعيدا عن اختلافنا في الرأي، حول كافة قضايا الحياة
وخصوصا السياسية منها.
الأمس هو بمثابة شك تم سحبه من رصيد المخطئ الذي لم يتصرف بما يتناسب مع نصوص الدين الشريف واهم قاعدة فيه هي حفظ الإخوان التي منها تنطلق مرتكزاتنا الاجتماعية، وهذا ما أشار إليه اسيادنا المشايخ، وما اشار اليه المعلم كمال جنبلاط أيضا في فهمه لعلاقة الافراد والجماعات بعضهم ببعض، وهذا ما ردده ويردده ايضا الأستاذ وليد جنبلاط منذ زمن طويل بتأكيده على المحافظة على وحدة الصف، حتى مع وجود التباين في وجهات النظر، سياسية كانت أم غير ذلك او حول أي قضية لها علاقة في الحياة وقضايا الوجود.
من هنا نوجه اللوم الى كل من يساهم او يحرض او ويوجّه الى مقاطعة فرح أو كره داخل المجتمع التوحيدي . انه سلوك مرفوض ومريض لانه يساهم ويؤسّس إلى مرحلة جديدة تنذر بانقسام حاد بين أبناء الطائفة وخصوصا في هذا الظرف التاريخي الخطر.
حاضرنا اليوم بأمس الحاجة للحفاظ على ما تبقى من رصيد من هذه القيم والعادات التي يحكمها العقل الواعي ،المدرك الذي يعمل بجد على رص الصفوف وتدعيم الوحدة الداخلية مؤكدين على التخلي نهائيا عن توجيهات المسؤولين بمقاطعة المناسبات الاجتماعية لانها توجيهات قصيرة النظر تعمم الحقد والتفرقة .
ان سلوكاً كهذا كالذي يدعو اليه البعض يكرس الانقسام بذاته وهو الشر بعينه. نعلم بان شرور هؤلاء الافراد ليست كلها من صنعهم او من بنات افكارهم ، الا اذا كانوا يعانون من امر ما أم يريدون توسعة الشرخ لأحداث فتنة لشد العصب، قضايا تترك تساؤلات مشروعة والزمن كفيل بالرد عليها وكشفها.
انه لمن الغباء والظلم ان تتحول الاحزاب الى عامل مكبل ومعيق لاستمرارية العادات الطيبة ولحركة الحياة الاجتماعية، تستغلها لمصالح الاقوياء، مرة بإسم الحزب، ومرة باسم المبدأ،ومرة باسم الأخلاق، ومرة باسم الاخلاص وألوفاء ، ومرة باسم الدين، ومرة باسم الرئيس، ومرة باسم التاريخ ومرة باسم النضال ومرة بمحاصرة المختارة ومرة الظرف غير مناسب للتعبير عن رأيك ومرة لا يجوز الاعتراض الا ترى الاستهداف السياسي للرئيس ، وأي رأي في سبيل التصحيح خيانة و. انها مسميات مختلفة جوهرها واحد هو المصلحة الخاصة . يترافق استخدام هذه الشعارات مع الكذب والدجل للمحافظة على التكتلات البشرية، الهادفة لشد العصب والتعصّب الأعمى، خوفا من انفلات القطيع من عقاله .
هذا التصرف سوف يرتد سلبا على اي حزب يعاكس حركة الحياة، لان هذه الحياة هي فيض وتدفق للخير والقيم التي سلف ذكرها في متنِ هذه الرسالة . فيما يتعلق بي فانني لن أشارك ابدا في إذكاء او تشجيع اي انقسام يؤسس له البعض، لان هذا البعض يخالف عقيدته ومبادئ حزبه وعادات بني معروف، وليتحمل هو وزر هذا الإثم الذي سيقع عليه ، في وقت نراه يجاهر في القول بانه أم الصبي، أم الصبي التي لا يُفتَرض ولا يجب ان تساهم ابداً في استعداء العائلات والمجموعات بعضها على بعضها الآخر
والكل يعرف من اقصد بكلامي اعطيتم امر المقاطعة حتى لأقرب الأقارب من الحزبيين لكن تأكدوا انني سوف احافظ على علاقتي بهم واقوم بواجبي معهم عندما تدعوا الحاجة لأنهم اقربائي ، المناسبة كانت اكثر من ناجحة ولو حضرتم لأنعكس وجودكم اطمئنان وسلاماً ومحبتاً.
ان اسقاط اختلافنا على الروابط الاجتماعية الطبيعية والتاريخية هو عمل خاطئ وآثم لان هذه الاختلافات قد تكون ظرفية آنية تتغير مع تغير الظروف والتوازنات .
كما وأنني اتمنى دائما وابداً أن تكون لغة المخاطبة فيما بيننا من ضمن ألاداب والقيم التي تربيتنا عليها جميعا.
ان التشجيع على محاسبة بعضنا البعض اجتماعيا في مناسبات الفرح هذا التصرف ممكن أن يسحب نفسه على بقية المناسبات مما ينذر بما هو خطير ، هذا سلوك مرفوض ومريض يعزل الاخ عن اخيه، وهو مدعاة للفرقة داخل المجتمع الواحد يمسّ الامن الثقافي لدينا، القائم على التسامح وقيم الحق والخير والجمال، والعدل والامانة، والصدق وحفظ الاخوان، وهداية العقل واستلهام اخلاق التوحيد.
وهنا لابد من العودة الى التذكير بالمعلم وبسلوكه وقيمه . كيف لنا ان نغفل عن نظرته ومفهومه للاخلاق والمناقبيه، و تلازم نظام المجتمع و نظام الاخلاق واتصالهما، بحيث لا يقوم احدهما دون الاخر ، كيف نغفل عن نظرته للدمقراطية على اساس انها الهيكل الطبيعي للمجتمع الذي ينادي باحترام التكتلات العفويه للناس .
هل نسينا ما كان يقوم به رئيس الحزب وليد جنبلاط من زيارات للقرى ليشدد على وحدة الصف والتلاقي وقبول الاخر .
اننا نناقض معتقداتنا وأفكارنا وعاداتنا ونصوص النظام الداخلى للحزب التقدمي الاشتراكي .
هل يعلم الزعيم المؤتمن على هذا المسار كل هذا أم انه لا يعلم؟
وفي كلا الحالتين لقد وقعتم في الخطأ،
وطبعاً لن اردّ الإساءة بمثلها، والحكم يعود إلى مشايخنا الأجلاء الأفاضل، والى المجتمع والى العقل المدرك العارف الواعي الناهي والموجّه في بيئتنا .
لست بمعرض محاسبة احد او المزايدة على احد، هدفي هو لفت النظر الى ضرورة التنبه الى هذه الامور الخطرة التي قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه من ويلات في حال استمرارها . ان امننا وحياة ابنائنا ودماءنا يجب ان تكون ثمينة وغالية على قلوب وضمائر الجميع . ان السياسة والمناصب والاستئثار بالسلطة والقرار السياسي ليست اغلى من حياة ودماء الناس ووحدة٢ طائفة هي في الاصل قليلة العدد وأمنها مستهدف .
.لعلنا نعيد النظر، والعبرة لمن اعتبر.
فاروق خليل الاعور
22/7/2019