الرئيسية / مقالات / وليد جنبلاط و”موس” حزب الله

وليد جنبلاط و”موس” حزب الله

على قاعدة “ألين ولا أنكسر”، يسير رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حقل الالغام الداخلية التي رُسمت أمامه في الفترة الاخيرة، هو الذي يجيد “حفظ رأسه” في المراحل الانتقالية حين تشتدّ الصراعات الاقليميّة والدوليّة بين المحاور، وقد اختبر ذلك في الحرب الاهلية اللبنانية وقبلها حين قاد والده كمال جنبلاط “الحركة الوطنية” التي كانت نقطة التقاء أنظمة تبدأ بطرابلس الغرب لتصل الى بغداد وأبعد.

رغم كلّ تناقضات تلك الانظمة وحروبها العلنيّة على بعضها، الّا أنّ “المايسترو” الخارجي كان يجمعها دائمًا على السّاحة اللبنانيّة.
جنبلاط “المُبتسم” رغم كلّ الضجيج الدّائر في الجبل، يُفضّل “الانسحاب” خطوة الى الوراء حفاظًا على “خطّ العودة” وهو سبق أن لعب هذا الدور في محطاتٍ عدّة، كان آخرها في زمن التشكيلة الحكوميّة. يومها ذهب جنبلاط بعيدًا في مطلبه، رافضًا أي مساومة على المقاعد الوزارية الثلاثة التي هي وفق نتائج الانتخابات النيابيّة من حقّه، وامتدّت “العقدة الدرزيّة” عدّة اسابيعٍ وأشهرٍ، قبل أن يعود ويسلم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لائحة بأسماءِ الوزراء لانتقاء واحدٍ منهم يكون توافقيًا للحقيبة الدرزيّة الثالثة. وبعد أخذٍ وردٍّ عاد رئيس الجمهورية ليُخرِج الإسم من ورقة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، فكان صالح الغريب وزير دولة لشؤون النازحين.
جنبلاط الذي امتعضَ من الخطوة الرئاسيّة واعتبرها “طعنة في الظهر”، تجرَّع الكأس الأوّل من “الهزيمة” ولكنّه في المقابل وعلى قاعدة “أنكَسِر ولا ألين” وضعَ فيتو أمام القوى السياسيّة المطالبة بحقيبة التربية وعلى رأسهم حزب القوات اللبنانية وقد وجد أنّ الحقيبة يمكن الابقاء عليها طالما أنّ التيار الوطني الحر وحزب الله بعيدة من مطالبهما، وطالما أنّ الحزب أبعده عن وزارة الصحة بعدما فاتح الرئيس سعد الحريري بها.
والى التربية، فاز جنبلاط برئاسة الاركان في الجيش، واستطاع أن يفرض اسم اللواء أمين العرم وبرضى من حزب الله الذي بقيَ على مسافةٍ من جنبلاط رغم كل المطبّات التي مرّت بها العلاقة بين الجانبين، ورئيس الاشتراكي كان يبادر “مناطقيًا” رافضًا المواجهة ولو على “ركن سيارة” بين مناصريه وشبّان في القرى التي تؤيّد الحزب في الجبل من “القماطية وكفتون”، وما يقوله جنبلاط عبر “تويتر” كانت تناقضه زيارات الوزير “السّابق” غازي العريضي الى عين التينة أو لقائه بمسؤولين في حزب الله وبطلبٍ من جنبلاط.
في حادثة الجبل، بادر جنبلاط بعد “أخذ ورد”، الى طرح حلٍّ عبر احالة حادثتي الشويفات وقبرشمون الى المجلس العدلي كي نكون أمام مخرجٍ “يريح الجميع” بحسب جنبلاط، الذي وجد الفرصة مؤاتية للمبادرة وتسليف العهد وحزب الله موقفًا يُعدّ “استيعابيًّا”، ويذكِّر ارسلان أنّ حادثة الشويفات لا تختلف عن حادثة قبرشمون، واذا أردت العدلي فنحن أيضًا لنا شهداء ولن نفرط بدمائهم.
حزب الله الذي أسقط سريعًا طرح جنبلاط لاعتباراتٍ عدّة أبرزها نظرته المختلفة للحادثتين، إذ اعتبر الاولى فرديّة، أما الثانية فهي محاولة اغتيال وزيرٍ، وهذا ما دفع به الى التصعيد عبر ارسلان بوجه جنبلاط، السّاعي الى “ترتيب” الأمور وتجميلها قدر المستطاع.
يخشى جنبلاط اليوم من “موس” حزب الله، ويعمل على نزعِ “الشفرة” قبل أن تصل الى هدفها، ويمكن لجنبلاط أن يذهب بعيدًا في حربه على حادثة البساتين، وهذا ما لا يريده في هذه الظروف الدقيقة التي تعيشها المنطقة، حيث تشهد العلاقة بين ايران والولايات المتحدة الأميركية توترًا من الصعب معرفة حدوده أو رسم صورةٍ لمستقبله.
أما الأقرب الى “منطق جنبلاط السّياسي”، فهو العودة الى الضاحية والحوار معها للحدّ من التنازلات التي يمكن أن تطلبها قيادة الحزب، وما يخسره رئيس “الإشتراكي” اليوم قد لا يشكّل واحدًا في المئة من الخسائر التي من المُمكن أن تنتظره في حال أصرّ على موقفه, ومن هنا طلب الرجل ضمانات من حزب الله لمعرفة “حدود” صلاحيّات المجلس العدلي في حادثة “بساتين قبرشمون

شاهد أيضاً

قصّة إنهيار البورصة العالمية وارتباطها بالتحديات الجيوسياسية

  إستفاق العالم على خبر إنهيار في البورصات العالمية، نتيجة الخوف المستجد من تباطؤ الاقتصاد …