بدل أن “تُفرج” تعقّدت أكثر، وما كان ممكنا لم يعد كذلك اليوم بالنسبة للحلول المطروحة لحل أزمة حادثة قبرشمون وتعطيل الحكومة اللبنانية. استمر التصعيد في المؤتمر الصحافي الذي عقده الحزب التقدمي الاشتراكي، فكان الاتهام واضحا صريحا من قبل وزير الصناعة وائل أبو فاعور لوزراء رئيس الجمهورية والفريق السياسي المحسوب عليه، بالتدخل في القضاء لمصلحة “تجريم” الحزب.
تحدث أبو فاعور عن التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات، والتي خلُصت الى أن الحادث لا يرقى لمستوى “الكمين المسلّح لاغتيال وزير”، مشيرا بالأسماء الى التدخلات التي تحصل في القضاء العسكري من قبل وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، ووزير الدفاع الياس بو صعب، ورئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، ولكن الأبرز في هذا الإطار كان حديث ابو فاعور عن “توقيت” الاتصال بين جريصاتي والقاضي فادي صوان، ومضمون الكلام الذي قيل والذي بحسب أبو فاعور هو مضمون “حرفيّ”، الامر الذي يطرح التساؤل التالي: هل لدى الحزب التقدمي الاشتراكي “داتا” اتصالات، واذا كان الجواب بنعم فكيف حصل عليها، وهل باتت “داتا” الاتصالات متاحة لمن يرغب؟ وما هو دور الأجهزة الامنية في هذا الخصوص؟.
أسئلة كثيرة تنتظر الأجوبة من المعنيين، ولكن هذا لم يكن كل شيء بحديث أبو فاعور، فبعيدا عن السياسة كان لافتا حديثه عن “التصدي الشعبي” والحديث عن “الشارع”، أيّ “شارع” يرفع منسوب القلق، اذ لطالما كان “الشارع” مكانا للفوضى لا الحلول، وملعبا للمصطادين في المياه العكرة، فهل يحرّك التقدمي الاشتراكي شارعه؟. تجيب مصادر الحزب التقدمي بأن الحديث عن “الشارع” ليس تهديدا فالتظاهر كفله الدستور، وحق التعبير يحظى بحماية القانون، خصوصا وان أبو فاعور شدّد على “السلميّة” و”الاطر القانونيّة”، وليس الحديث بتحريك الشارع الا الرد على مقولة “انحسار شعبية جنبلاط والحزب التقدمي”.
في السياسة تعقّدت الامور كثيرا، اذ تكشف مصادر مطلعة عبر “النشرة” أن “مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري قد عُلّقت ولم تلغ، بعد المستجدات في حادثة قبرشون”، مشيرة إلى أن “دخول رئيس الجمهورية ميشال عون على الخط وانفجار الخلاف على التحقيقات بالقضاء أثر وسيؤثّر على حل المشكلة”.
وتضيف المصادر ان “بري يرى أن الامور باتت اصعب من قبل وما كان يسري سابقا على الحل لم يعد متاحا اليوم اذ باتت الامور بحاجة الى حل متشعب لحل الخلافات المتشعبة”، مؤكدة أن “الازمة وصلت الى ذروتها وبالتالي من الصعب جدا عقد جلسة للحكومة قبل العيد”.
اذا جُمّدت مبادرة بري القائمة على “المصالحة”، اذ لطالما كان رئيس المجلس النيابي من الداعين الى عقد مصالحة سياسية بين جنبلاط وأرسلان تتيح للحكومة ان تنعقد لمواكبة الظروف الصعبة، ولكن اليوم لم تعد شروطها قائمة، خصوصا بعد اتهام التقدمي الاشتراكي بأنه كان يستهدف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالكمين، ما يعني أن الازمة لم تعد محصورة بين ارسلان وجنبلاط. وفي هذا السياق تكشف المصادر أن مسألة انعقاد الحكومة باتت في مهب الريح، لم تعد هي المسألة المهمة، بل “التهدئة” هي الأهم لان استمرار الامور في منحاها التصعيدي سيوصل الى الأمور الى ما لا تُحمد عُقباه.
بقلم محمد_علوش