اندريه قصاص
الكلام العلني الذي أطلقه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل في ذكرى 7 آب، وما سبقه من كلاملرئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع عن “قوم بوس تيريز”، لا يوحي بأن الأمور بينهما سائرة نحو الحلحلة، خصوصًا بعد المصالحة الدرزية – الدرزية، وما أسفرت عنه من نتائج، أقلها أن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط خطّ أحمر لا يمكن تجاوزه، وهذا ما عبّر عنه بيان السفارة الأميركية، وما تردّد عن دخول روسيا على خطّ الأزمة الدرزية – الدرزية ووقوفها إلى جانب “بيك المختارة”، الذي يستعدّ لزيارة موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فبعد الضجّة التي أثارها جعجع بـ”قوم بوس تيريز” جاء كلام باسيل بلهجة عالية، حتى أنه تعمّد تسمية رئيس”القوات” بإسمه الأول “سمير”، مع ما عناه ذلك في الأوساط “القواتية”، التي وصفت هذا التصرّف بـ”الصبياني”، فضلًا عن إعتبارها أن ما ورد على لسانه حول إتفاق معراب مغاير للواقع ومجافيًا للحقيقة.
وكان لافتًا في كلام باسيل تمييزه بين المصالحة المسيحية – المسيحية وبين إتفاق معراب السياسي “الذي طالب به سمير كبدل سياسي مقابل تأييد العماد ميشال عون للرئاسة، وتم تعميم جو أننا أخلينا بالاتفاق، ولم ندفع ما علينا بعدما قبضنا ما هو لنا، والحقيقة ان جوهر الاتفاق أن نكون معا بدعم الرئيس، وأن نتفاهم على التعيينات والانتخابات، وما حصل انه اراد أن يأخذ التعيينات والحكومة، أي أن يأخذ حصته في السلطة ويعارض بالحكومة وبالانتخابات، واكتشف أن ربحه بالمعارضة والشعبية وبالرأي العام هو باتهامنا بالفساد، وراح يمعن بشن الحملات الكاذبة علينا ويحصل مردودها الشعبي، وبدل أن يكون معنا ونتشارك بالحمل كما هو الاتفاق لنؤمن حلولا للناس، ذهب ليعرقل الحلول بحجة الفساد، وبات عمله محاربة الرئيس ورئيس الحكومة، وصولا إلى دعم علني لاختطاف رئيسها… وأنا أعطي فرصة أخيرة للعودة إلى روحية الاتفاق وتطبيقه، واليوم هي الفرصة وغدا نعود إلى الاتفاق إذا أوقفوا الكذب والافتراء علينا “.
هذا الكلام أستدعى ردًّا من قبل نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، الذي قال “ان وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بتصرفاته وخطاباته كأنه بدأ يتطلع إلى ما بعد هذا العهد”، مضيفا: “باسيل هو وزير خارجية لبنان ورئيس تيار سياسي ونقطة على السطر. اذا كان وزراء التيار ارتضوا ان يوقعوا على استقالاتهم ويضعوها بيد باسيل، فالقوات لن توقع له على بياض فهي في الاساس لا توقع على بياض مسبقا ورفضت التوقيع على بياض على ملفات يشوبها الفساد”.
هذا الجو لا يوحي بأن مصالحة “اوعى خيّك” بخير، وهي تكاد تصل إلى حافة السقوط، بعد سقوط إتفاق معراب. والدليل أن جو الإحتقان لدى القاعدة الشعبية سواء في “التيار” أو “القوات” عاد إلى سابق عهده، وهو ينذر بأوخم العواقب عند أول ضربة كفّ مع بداية العام الدراسي، بإعتبار أن حدّة الخلافات تتمظهر عادة في الجامعات وعند إجراء الإنتخابات الطالبية فيها.
فهل تحتاج المصالحة بين المكونين المسيحيين الرئيسيين على الساحة إلى حادثة شبيهة بحادثة قبرشمون مثلًا لكي يعود “الأخوة الأعداء” للجلوس إلى طاولة المصارحة والمصالحة؟