خلافاً لما تم تداوله إعلامياً بعد سقوط الطائرتين الإسرائيليتين في الضاحية ليل السبت الماضي، تبين أن مركز الوحدة الإعلامية التابع لـ”حزب الله” لم يكن الهدف الأساس من تفجير معوّض، وفق معلومات موثوقة تشير إلى أن الحزب حسم أخيراً أن هدف “الموساد” الإسرائيلي كان “مكاناً سرياً شديد الحساسية نتحفظ عن ذكره، وتم الحصول على هذه المعلومات من خلال تحليل داتا إحدى الطائرتين”، وفق مصدر مطلع على التحقيقات.
وفي حين تتردد معلومات لدى أجهزة أمنية محلية أن الهدف من العملية كان اغتيال القيادي العسكري في “حزب الله” م.ح.، تنفي المصادر المعنية غير الرسمية أن يكون “المستهدف شخصٌ معين، وإنما مكان حساس جداً”، لكنها ترفض الإجابة عن سؤال: هل هذا المكان هو مستودع للأسلحة أم أنه مكتب كان يضم اجتماعاً حزبياً على مستوى قيادي؟
التحقيقات لدى “حزب الله” حالياً تركز على الوصول إلى مكان انطلاق الطائرتين: “لا يوجد أي جواب محسوم حتى اللحظة، سواء لدى الحزب أم الجيش اللبناني”، تقول المصادر غير الرسمية، مؤكدة أن الحزب يحصر انطلاق الطائرتين إما من البحر وإما من الداخل، أي في منطقة قريبة من الضاحية.
ويرجّح الحزب، بنسبة عالية جداً، أن تكون وجهة الإنطلاق حصلت من البحر عبر زورق، وفق المصادر التي تؤكد أن الطائرتين تم تصنعيهما لدى الجيش الإسرائيلي، ولا يوجد منهما في الأسواق التجارية، خلافاً لما يتردد.
غير أن أحد الضباط المعنيين يستبعد رواية المصادر غير الرسمية في شأن انطلاق الطائرتين من البحر، قائلاً: “لو حدث ذلك عبر زورق إسرائيلي دخل المياه اللبنانية، فإن القوات البحرية في الجيش اللبناني أو قوات الطوارىء الدولية كانت ستعرف بالأمر وتتصدى للعملية”.
في المقابل، تردّ المصادر غير الرسمية على الضابط بالقول: “لماذا لم يتم ضبط تنقلات العميل خالد القنّ (تم توقيفه من جانب شعبة المعلومات في العام 2009) الذي كان يسرح ويمرح في المياه اللبنانية على متن زوراق إسرائيلية؟ وكذلك الأمر بالنسبة للعملاء محمود رافع وهيثم الظاهر وحسين خطاب الذين كانوا ينتقلون من لبنان إلى فلسطين المحتلة عبر زوراق إسرائيلية تدخل الأراضي اللبنانية”.
ما حدث في الضاحية قبل يومين لا يندرج في سياق “الزيارة” الأولى لـ”الموساد”، وإن عبر طائرتين مسيّرتين: هناك، في الشارع ذاته، سبق وفخخ الإسرائيليون سيارة القيادي في “حزب الله” غالب عوالي قبل حرب تموز بعامين، ثم قام العميل ناصر نادر بتفجيرها في اليوم الثاني من التفخيخ، عندما كان عوالي يتفقد سيارته من خلال مرآة.
وللموساد بصمات في مهامه الأمنية تبقى مبعثرة كأنها كلمات متقاطعة يصعب حلّها بسهولة، مثل الغموض الذي شهده اغتيال القيادي في “حزب الله” حسان اللقيس في الضاحية، حيث مازال اللغز الأساس قائماً: كيف دخل عناصر من “الموساد” إلى عمق الضاحية وفرّغوا رصاصهم الكاتم للصوت تحت بيت اللقيس؟ حتى اليوم لا يوجد أي دليل على الجواب الحزبي أو الأمني اللبناني، وإنما تحليل: لقد أتوا من البحر.
من ساعدهم، وكيف؟
لا جواب…
جعفر العطار