من الواضح، أنّ الاستغلال “الشيرازي” لبيئة “حركة أمل” من أجل ترسيخ قاعدة إنطلاق لنشر أفكار جديدة تطاول المذهب الشيعي وبالخصوص مظاهر إحياء ذكرى عاشوراء قد لجمَ هذا العام، بدليل انكفاء هذه المظاهر وتراجعَ بريقها مقارنةً بالأعوام السّابقة. وعلى ما يبدو أنّ “حرب أمل” على “الدعوة الشيرازية” قد لقيَ مفعولًا.
اعلان
ممّا لا شكَّ فيه، أنّ قيادة “حركة أمل” على رأسها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، سبق وأن أدركوا في الأساس السلبيّات الناتجة عن “تسلل” الفكر “الشيرازي” إلى الجسد، وليس سرًا، أنّ جهّات حليفة لـ”أمل”، أطلعت “القيادة الحركيّة” على نماذجٍ مُثبَّتة بالادلة والوقائع، تؤكّد وجود نوايا لدى “الشيرازيين” لـ”إستغلال حركة أمل” في مشروعهم الرامي إلى خلق “نيو دعوة شيعيّة”، مختلفة عن الجذور، فكانت قيادة “الأفواج” على قدر الوعي.
ومن الحقّ القول، أنّ قيادة “حركة أمل” بشخص رئيسها نبيه برّي، لم يكونا يومًا من مؤيّدي هذا الفكر أو المنظّرين له أو المهيّئين لتسلّله، لا في السرّ ولا في العلن، بل أنّ هذا التسلّل جاء نتيجة “تراخٍ عقائدي” ووجود مكامِن خللٍ فقهي باتت معلومة لدى القيادة بالذات، لذلك سارعت نحو احتواء ذلك من خلال تزخيم الأعداد والتوعية الداخليَيْن.
وخلال المؤتمر العام لحركة أمل في خريف عام 2018، وضع الرئيس برّي اليد على الجرح. أطلق مذذاك معركة “تحصين الذات من المدّ الشيرازي”، وكان “الأستاذ” واضحًا في مسعاه الرامي إلى خلق “جدار فولاذي” يحيط بكيان “الحركة” بهدف زيادة مناعتها من هذا الاختراق المشبوه لناحية الهوية والمنشأ والأسلوب.
ومن المفيد الذكر، أنّ مكامن الخلل التي عُثِرَ عليها بعد ورشة “الإصلاح والتصحيح” التي شُرِعَ بها منذ انتهاء مفاعيل المؤتمر المذكور، كانت احدى اسباب “تسكير منافذ تسلل” هذا الفكر، واعادة هندسة “القاعدة” وفق المنهج السليم الذي خطّه الإمام المغيب السيّد موسى الصدر. من هنا كان التشديد هذا العام على شعار “أمل إرثها في ثورتك”.
وانطلاقًا من إدراكهِ المُسبَق لما يحتويه تسرِّب هذا الفكر إلى جسد “الحركة”، وما يرمي إليه لاحقًا من التأسيس إلى مناحٍ يُعاكِس جوهريًّا اُسس الفقه والفكر الشيعيَّيْن، إندفعَ الرئيس برّي أمام مئات القياديين إلى التحذير علنًا من مغبّة تغلغل “الشيرازيين” في صفوف الحركة.
أعادَ برّي يومها التذكير وعلى الملأ بالخط الفقهي والعقائدي، الفكري والسياسي، الذي تعتمده “حركة أمل” كنهج، القائم على النصّ المرجعي للإمام الصدر، مُطالبًا أمام من حضر، زيادة التثقيف الديني وفهم الإسلام والتشيّع كأيديولوجية، وهذه كانت عبارة عن رسائلٍ مدروسةٍ أرادَ رئيس “الحركة” اسماعها للجميع وبالصوت العالي.
المُتابع لأحوال بعض المجالس “العاشورائية” التي تُحييها “حركة أمل”، أو تلك التي تُحيا بشكلٍ مستقلٍ من قبل جمعياتٍ أو أشخاصٍ، يُدرك سريعًا دخول تغييرات جذريّة على نمط الإحياء، في الشّكل والمضمون.
وقد غابت عن هذا العام وبنسبةٍ كبيرةٍ، مظاهر الاستنساخ لما يُسمَّى “الشعائر” المُستمِدَّة من توجيهات “فقهيّة شيرازيّة” هي أقرب إلى “بِدع” ما أوحى أنّ “الحركة” عادت الى سلوك الدرب السليم.
وفي المعلومات، أنّه وقبل حلول موسم “عاشوراء”، انكبَّت الجهة المعنيّة داخل “حركة أمل”، على إختيار “نوعيّة مُحَدَّدة” من قراء العزاء، وقد ارتكزت في ذلك على اخضاعهم الى فحوصات “DNA” دينية تثبت صفاء عرقهم من أي تدخلاتٍ أو رواسبٍ “شيرازية”.
هذه الجهة، وبعد إختيار القراء، لقاءات معهم كانت مُخصَّصة للإعداد والتنظيم، وقد اطلعوا على رزمة من الممنوعات، أي تلك التي يجب ألّا تُذكر في المجالس، وهي اتت كنوعٍ من انواع الخطوط الحمر التي كان لها وقعُها على “المنابر” لاحقًا.
أضف إلى ذلك، أنّ المتابع لحظَ هذا العام، تشديدًا في الاهتمام بنوعيّة “الخطب” الدينيّة التي يدلي بدلوها قارئ العزاء، فكان واضحًا اعتماد المنهج الديني المُتّبع لدى الحركة، والمنصوص عنه من قبل الإمام موسى الصدر. كذلك كان تشديدٌ على اتباع الشعائر المعلومة بدقّة، وعدم اللجوء الى أمورٍ “دخيلة” على الفكر الشيعي.
على ذمَّة متابعين، أنّ “احتواء” حركة أمل للفكر “الشيرازي” من خلال “تسكير” نوافذ تسلله” باقية وتتمدّد، ولن تكون محصورة بعام من دون آخر، بل ستُعتَمَد كعرفٍ على مدار السنة.
المصدر “ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح