اعتبر خصوم الحريري أنه حرق اسم الخطيب كي يبقى وحيداً مرشحاً لرئاسة الحكومة (رويترز)
دخل لبنان مرحلة جديدة من انتظار تكليف شخص لرئاسة الحكومة، بعدما استقال الرئيس سعد الحريري في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. يحصل ذلك في ظل أزمة اقتصادية اجتماعية ونقدية. ما يجعل المحتجين منذ 17 أكتوبر يعتبرون أن القوى السياسية الممسكة بالسلطة، من رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره الوطني الحر وحليفه حزب الله وحركة أمل، وكذلك الحريري، تماطل من أجل حساباتها السياسية والخاصة من دون اكتراث بالأوضاع الاقتصادية ومآلات الأزمة التي تنذر بالأخطر.
وبعدما كانت تلك القوى اتفقت على رجل الأعمال سمير الخطيب، الآتي من خارج النادي السياسي ومن شراكة المقاولات معه، حصل ما يشبه الانقلاب، فأُجبر على الاعتذار والخروج من الترشح إلى رئاسة السلطة التنفيذية. وبالتالي، عاد لبنان إلى المربع الأول، وعاد طرح اسم الحريري مرشحاً، على الرغم من رفض “ثورة 17 أكتوبر” عودته على اعتبار أنه من قوى السلطة التي حكمت البلد خلال ثلاثة عقود وأوصلته إلى “الهاوية” التي يترنح بها. وإثر انسحاب الخطيب، نظمت مجموعات من المحتجين تظاهرات من أمام البرلمان في بيروت إلى منزل الحريري تأكيداً على رفض ترشيحه مجدداً. علماً أن مناصري الحريري نظموا مسيرات عدة في الأيام الماضية رفضاً لترشيح الخطيب الذي باركه الحريري شخصياً. الأمر الذي اعتبره خصوم الحريري لعبة لحرق كل مرشح آخر لرئاسة الحكومة، وبمثابة انتقال من تعطيل تكليف رئيس للحكومة إلى ابتزاز خصومه، إذ بات المرشح الوحيد مدعوماً من الطائفة السنية التي يفرض العرف السياسي أن يكون رئيس الحكومة منها.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، الأربعاء 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في العاصمة الفرنسية باريس، بات هو أيضاً في مهب الريح.
إلى ذلك، دعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، في عظة قداس الأحد، المسؤولين السياسيين إلى عدم الازدراء بالحراك المدني و”ثورة الشباب”، قائلاً “لا يوجد قوة أقوى من الشعب! فلا تهملوه ولا تخيبوا آماله، لئلا يعود إلى قطع الطرق، فتكونون أنتم لا هو المسؤولين عن خراب لبنان أمام المجتمع الدولي. ثورة الشعب كالمطر الجارف الذي شهدناه في الأسبوع المنصرم. فلا تقفوا في وجهه من أجل خيركم وسلامة لبنان”. ودعا الراعي أيضاً إلى تشكيل حكومة “نظيفة لم يتلوث وزراؤها بالفساد وسرقة مال الدولة”، استجابةً لمطالب المحتجين.
في ضوء التطورات
وبعد التطورات الحكومية أجرى عون اتصالات شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري.
وأعلنت رئاسة الجمهورية، في وقت متأخر من ليل الأحد، تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة.
وصدر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بيان جاء فيه، أنه “في ضوء التطورات المستجدة في الشأن الحكومي، ولاسيما ما طرأ منها بعد ظهر اليوم (الأحد)، وبناءً على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، وفسحاً في المجال أمام مزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة، قرر رئيس الجمهورية ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة الاثنين 9 ديسمبر (كانون الأول) 2019 إلى الاثنين 16 ديسمبر وفق التوقيت والبرنامج والمواعيد التي نُشرت سابقاً”.
وكان الخطيب زار دار الفتوى في بيروت على وقع استمرار الحراك الشعبي اللبناني الرافض تسميته لتشكيل حكومة جديدة في الاستشارات النيابية المُلزمة، والتقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في محاولة للحصول على غطاء سني، إذ إن منصب رئيس الوزراء وفق العرف في لبنان يعود إلى الطائفة السنية. إلا أن الخطيب فاجأ الجميع بعد لقائه المفتي بردّ التكليف إلى الحريري، وقال “صاحب السماحة من داعمي سعد الحريري وعلمت منه أنه نتيجة اللقاءات والمشاورات والاتصالات مع أبناء الطائفة الإسلامية تمّ التوافق على تسمية الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة، وبناءً عليه سأتوجه إلى بيت الوسط لإبلاغ الحريري بالأمر لأنه هو من سمّاني لتشكيل الحكومة الجديدة وأنا له شاكراً”. وبعد لقائه الحريري في بيت الوسط، أعلن الخطيب اعتذاره عن “إكمال المشوار” الذي رشّح إليه
المصدر: اندبندنت عربية